الدرس1 المقاربة بالكفايات .
الكفاءة مفهوم عام يشمل القـدرة على استعمال المهارات والمعارف الشخصية في وضعيات جديـدة، داخل إطار حقله المهـني ،كما تحـوي أيضا تنظيـم العمـل وتخطيطـه، وكـذا الابتكار والقـدرة على التكيف مع النشاطات الغير عادية.
ماهي المقاربة بالكفاءات ؟
المقاربة بالكفاءات هي طريقة في إعداد الدروس والبرامج التعليمية . إنها تنص :
- على التحليل الدقيق للوضعيات التي يتواجد فيها المتعلمون أو التي سوف يتواجدون فيها .
- على تحديد الكفاءات المطلوبة لأداء المهام وتحمًل المسؤوليات الناتجة عنها.
- على ترجمة هذه الكفاءات إلى أهداف وأنشطة تعلمية.
لماذا المقاربة بالكفاءات ؟
1-جاءت المقاربة بالكفاءات لإثراء ودعم وتحسين البيداغوجيا، وليس للتنكر أو لمحو فن تربوي عمره سنوات طويلة .
2-يفشل كثير من التلاميذ، بسبب عدم تمكنهم من تحويل المعارف، لأنهم يكتسبون معارف منفصلة عن سياقها، ومقطوعة عن كل ممارسة
3-من أجل تجذير المعارف في الثقافة والنشاط .
4-لأن المعارف المدرسية لا معنى لها بالنسبة للتلاميذ ما دامت منفصلة عن مصادرها وعن استعمالاتها الاجتماعية. إذا فالمقاربة بالكفاءات تنشئ علاقات بين الثقافة المدرسية والممارسات الاجتماعية.
5-إن المقاربة بالكفاءات تمثل ثورة تعليمية للمعلمين والأساتذة، وهي تتطلب بالفعل :
*وضع وتوضيح عقد تعليمي جديد .
*تَبني تخطيط مرن وذو دلالة .
*العمل باستمرار عن طريق المشكلات.
*اعتبار الموارد كمعارف ينبغي تسخيرها.
*ابتكار أو استعمال وسائل تعليمية مناسبة وهادفة .
*مناقشة وقيادة مشاريع مع التلاميذ .
الدرس 2
مكانة المعلم في بيداغوجية الكفاءات
إن المعلم في إطار المقاربة بالكفاءات مطالب بالتخلي في كثير من الأحيان عن الطريقة الاستنتاجية في التدريس . فعليه أن يكون منظما للوضعيات، منشطا للتلاميذ، حاثا إياهم على الملاحظة والتشاور والتعاون، ومسهلا لهم عملية البحث والتقصي في المصادر المختلفة للمعرفة (كتب، مجلات، جرائد، قواميس، موسوعات، أقراص مضغوطة، أنترنت الخ...). وبقدر ما يكون بحاجة إلى الوسائل التعليمية ستكون حاجته أكثر إلى ابتكار وضعيات التعلم التي يواجه فيها المتعلم مشكلات وينجز مشاريع .
-يصبح مدربا، كما يحدث في ميدان رياضي أو في ورشة فنية. يدعم التعلم، ينظم وضعيات معقدة، يخترع مشاكل وتحديات، يقترح ألغازا ومشاريع .
-دوره شديد الأهمية، لكنه لا يحتكر الكلمة ولا يحتل صدارة المسرح .
-ينبغي أن تتطور كفاءته المهنية باعتماد التكوين الذاتي حول :
*بناء الهندسة التعليمية (تصور وخلق وضعيات الوساطة) .
الملاحظة التكوينية والتعديل الدقيق للأنشطة والتعلمات .
-اشراك المعلم والأستاذ في استراتيجية التغيير من البيداغوجيا المركزة على المعارف إلى البيداغوجيا المركزة على التكوين بواسطة المقاربة بالكفاءات، يعتبر أكثر من ضرورة .
4.التعلم في بيداغوجية الكفاءات
يُبنى تعلم التلاميذ في بيداغوجية الكفاءات على الوضعية المُشْكلة وإعداد المشاريع، التي ينبغي أن تكون على صلة بواقعهم المعيش، وأن يسخروا فيها مكتسباتهم المعرفية والمنهجية. وأن يربطوها بواقعهم وحياتهم في جوانبها الجسمية النفسية، الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية. وتسمح المقاربة بالكفاءات عموما بتحقيق ما يأتي:
أ/ إعطاء معنى للتعلم: تحدد عملية تنمية الكفاءات الإطار المستقبلي لتعلم التلاميذ، والربط بينه وبين وضعيات لها معنى بالنسبة إليهم، وأن يكون لتعلمهم هدف، وبذلك لا تكون المعارف والمعلومات التي يكتسبها التلاميذ نظرية فقط، بل سيستغلونها حاضرا ومستقبلا. فاكتساب القواعد الصحية للجهاز العصبي مثلا وغيرها، يكون من أجل الحفاظ على سلامة الجسم ووقايته .
ب/ جعل التعليم أكثر نجاعة: *تضمن المقاربة بالكفاءات أحسن حفظ للمكتسبات، لاعتمادها أسلوب حل المشكلات وإنماء قدرات المتعلمين كلما واجهوا وضعيات جديدة، صعبة ومتنوعة .
*تسمح المقاربة بالكفاءات بالتركيز على المهم فقط .
الدرس 3 الوضعية المشكلة
تنص الأبحاث والدراسات الحديثة في ديداكتيك المواد الدراسية على تغيير الممارسة البيداغوجية التقليدية التي ترتكز على منطق التعليم المبني على أصول التلقين والشرح للمحتويات والمعارف والمفاهيم، وغياب الممارسة الناجعة التي تقوم على منطق التعلّم.
إنّ بناء الدرس انطلاقا من بيداغوجيا حلّ المشكلة يحفز التلميذ على المشاركة الإيجابية ويدفعه إلى التفكير العلمي والرغبة في التعلّم الذاتي من أجل بناء معارف جديدة، باتخاذ إجراءات أكثر فعالية تقوم على الملاحظة وافتراض الحلول الممكنة ثم الوصول إلى الاستنتاج والاكتشاف، وبذلك يحصل التعلّم وهذا ما حدا بأحد المربين إلى القول بأنّ "المشكلة أم التعلّم" قياسا على قولهم "الحاجة أم الاختراع" وطريقة التدريس التي ينبغي اختيارها في المقاربة بالكفايات هي طريقة الوضعية المشكلة التي يوضع فيها المتعلّم أمام صعوبة معينة تتحداه حتى يشعر بأنّها فعلا مشكلته ويتعين عليه إيجاد الحلّ المناسب لها، باتخاذ التدابير اللازمة واستخدام كافة قدراته.
ويكون دور الأستاذ متمثلا في التوجيه والإرشاد لتذليل العقبات وبناء التعلمات.
1- تعريف الوضعية المشكلة :
إنّ الوضعية المشكلة هي مجموعة من المعارف تدرج داخل سياق معيّن ومحدّد يتم من ورائها دمج المكتسبات لإنجاز عمل ما.
وتنتقى الوضعية من واقع المتعلم المعيش، تصطنع فيها عوائق مؤقتة، متفاوتة التعقيد تتطلب توظيف التعلمات السابقة، وتختم الوضعية المشكلة بنتاج منتظر من المتعلم يمكن تحديده بدقة : نص إبداعي (قصيدة، قصة ...)، أو نص وظيفي أو تخطيط ...
2- عناصر الوضعية المشكلة :
وتتكون الوضعية المشكلة من ثلاثة عناصر :
1- السند : وهو مجموعة من العناصر المادية التي يقترحها المدرّس، قد تكون نصا، وثيقة، صورة، لوحة ...
ويحدّد السند بالنظر إلى :
* السياق الذي تتحدّد فيه الوضعية.
* المعلومات التي يتفاعل المتعلم معها، قد تكون تامة أو ناقصة، جديدة أو سابقة.
* الوظيفة التي تحدّد الهدف من النتاج المنتظر.
2- المطلوب : وهو توقع الإنتاج المنتظر.
3- التعليمة : وهي مجموع المطالب التي تقدم للمتعلم ويشترط فيها الدقة والوضوح، وتحديد معايير كالجودة، وعدد الأسطر، وبعض المميزات الكتابية كأنماط النصوص وأنواعها، أو بعض المصطلحات المدروسة أو المبادئ اللغوية ...
الدرس 4 أهداف الوضعية المشكلة :
تعزز بيداغوجيا حلّ المشكلات قدرات المتعلم، وتسمح له باكتساب الكفايات الضرورية التي تساعده على التكيّف مع مختلف متغيرات محيطة. ومن أبرز أهداف هذه البيداغوجيا في العملية التعليمية التعلمية ما يأتي :
- اكتساب القدرة على الملاحظة والتأمل.
- تنمية القدرة عل تحليل المعطيات وتنظيمها قصد استغلالها.
- التمرّن على اقتراح الحلول وانتقاء أنجعها.
- الوصول بالتلميذ إلى التعلّم الذاتي والنقد الموضوعي.
- اكتساب الثقة في النفس.
- التعوّد على التعاون مع الأقران ومع الآخرين.
4- خصائص الوضعية المشكلة :
يراعي الأستاذ، في الوضعيات التي يقترحها، الخصائص الآتية :
- المتعلم هو الذي ينجز المهمة المعروضة.
- هي إشكالية لأن المتعلم لم يمتلك بعد ما يلزمه لإنجازها.
- ما ينقص المتعلم هو نفسه ما يحتمل من تعلمات تصاغ في شكل أهداف تعلمية يحققها المتعلم عبر مراحل الحصة دون القفز على الصعوبات بل معالجتها عن طريق القيام بأداءات، قد تكون :
· موارد شخصية أو "معلومات قبلية".
· موارد المجموعة في إطار "عمل جماعي – تفاعل".
· موارد الأستاذ مثل "وثائق، تعليمات، طرائق، بحث ...".
ومن جهة ثانية، يسهر الأستاذ باستمرار على تكييف ممارسته مع ما تقتضيه الوضعيات المقترحة بـ :
- تنويع المسارات البيداغوجية من أجل التكفل الأنجع بالصعوبات الفردية ووتيرة العمل الخاصة بكل متعلم.
- الانتباه إلى ردود الفعل في القسم والتعرّف على أسباب التعثر أو عدم الفهم.
- تشجيع مختلف التفاعلات داخل القسم.
- تنويع تنظيم العمل : الفردي، الفوجي، الجماعي.
5- صياغة الوضعية المشكلة :
ولنجاح صياغة الوضعية المشكلة لابد من مراعاة الآتي :
- الجدة والتشويق.
- تقديم التحدّي للمتعلم أو الإشعار به لإنجاز المطلوب.
- استكشاف المسار لاستثمار معارفه وتعلماته.
- ضبط منحى التفكير الواعي، والتساؤل المثمر لبناء المعرفة وحسن تحويلها وفق معايير ومبادئ وخطوات.
- استقاء الوضعيات من الحياة اليومية للمتعلم، ومن محيطه الاجتماعي والثقافي على أن تكون ذات دلالة بالنسبة إليه ومناسبة لمستواه العقلي والثقافي، ولسنّه.