تحليل مضمون السمعي البصري
(محاضرات )

المحاضرة رقم 1

                                                        تحليل المضــمون

خلـفية تاريخيـة: تعتمد الكثير من الدراسات على المنهج المسحي الوصفي، الذي يعتبر أحد الأساليب العلمية التي يستعملها الباحث للحصول على معلومات معينة تخص موضوع الدراسة، والأبحاث الوصفية  تسعى "إلى معرفة كيفية وجود الظاهرة بوصفها وتشخيص ملامحها الأساسية، أما المناهج التي ترتبط بها فتعددت، وهي المسح الاجتماعي، دراسة الحالة، تحليل المضمون، قياس البعد الاجتماعي، قياس الاتجاهات."

كان الهـدف الأسـاسي من تحليل المحتوى كما وضعه الرواد الأوائـل لازويل "Lasswell"، لزار فيلد "Lazarsfeld" وبرلسون berselon""، هو محاولة الوصول إلى الطريقة التي يفكر بها الألمان في الحرب العالمية الثانية، لتخمين القرارات المتوقع اتخاذها وذلك انطلاقا من تحليل مضمون الدعاية النازية.

غير أن تحليل المضمون بشكله الأصلي المسمى "نموذج التكرار" تعرض خلال تاريخه لمحاولات عديدة ومتواصلة من علماء الاجتماع لصقل و تعديل الإجراءات المتعلقة بالتحليل قصد توفير البيانات الكافية بطريقة علمية دقيقة وتسمح للباحثين الوصول لتعميمات مفيدة.

فقد اجتهد المشتغلون من الباحثين في مجال تحليل المضمون خاصة مع تراكم المادة الإعلامية المكتوبة والمقروءة والمسموعة بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشر في تنقية هذا الحقل والحد من تدخل أهواء وميولات الباحثين أثناء تحليلهم للمادة الإعلامية.

ومن أجل هذا وضعوا قواعد في غاية الصرامة يجب الالتزام بها للوصول إلى قدر معقول من الدقة والصرامة والموضوعية.

ولا تتوقف عنـاية تحليـل المضمون عند المضمون الظـاهر للرسالة الإعلامية فعملية الفرز الإحصائي والكـمي الظاهري لا تعتبر الغاية القصوى من العملية، بل تتعدى إلى محاولة معرفة المعنى الكامن في النص.

إن أداة تحليل المضمون تهدف إلى تفسير الاتصال من خلال التوصيف الموضوعي والمنظم والكمي للمضمون المعلن والتوصل لما يقصده المرسل من أفكار وما توحي به رسالته من اتجاهات. وذلك من خلال الإجابة على خمسة أسئلة هي: من يتكلم؟ (الطابع التمثيلي للاتصال)، ماذا يقول؟ (الكلمات - التعبيرات – الأفكار- المعاني) بأي وسيلة؟ (الشكل المادي للاتصال) لمن يتوجه؟ (المستقبل)، بأي تأثير؟ (البعد التأثيري للوسيلة الاتصالية والرسالة و القائم بالاتصال).

وتتمثل تقنيات هذا النوع من أساليب التحليل في الكشف عن الظواهر التي تظهر في مادة الاتصال وذلك برصد معدل تكرارها ومواطن التركيز عليها والعبارات المصاحبة لها، بعد تعيين وحدات التحليل (كلمة – عبارة – فكرة). ودراسة خصائص المضمون من حيث المادة ومن حيث الشكل أو طريقة العرض وخصائص منتجي المضمون وما تشمله هذه الوظائف الرئيسية من وظائف فرعية.

وعليه فقد اتسمت أساليب تحليل المضمون بالوصف والتنظيم والدقة والنزعة إلى التكميم والحيادية، والتعلق بظاهر النص فقط، وعدم تدخل الذات المحللة إلا بأقل قدر ممكن.

ومن ثم فقد شاع استخدام هذا النوع من التحليل كأداة لدراسة وقياس المحتوى الرمزي في الرسائل وأنماط الاتصال والتعبير الكمي الدقيق عن الظواهر والأحداث والكتابات في العلوم الإنسانية وتحليل الصحف والمواد الثقافية والتحليل البنائي النفسي والدراسات الكمية للغة.

ولابد للإشارة هنا إلى أهمية التكامل بين الأسلوب الكمي والنوعي المستند إلى الانطباعات الشخصية التي لا يمكن لأي باحث مهما كانت موضوعيته أن يتخلص منها.

1: المفهوم

1- الأسلوب الأمثل الذي يستخد%