أهم المدارس اللسانية الغربية الحديثة
مفهوم المدرسة:
المدرسة اللسانية أو اللغوية هي مجموعة من المفاهيم تتبناها طائفة من اللغويين، بحيث تجمعهم وجهة نظر واحدة للغة، ومنهج واحد في معالجة الظواهر اللغوية ، مهما اختلفت أوطانهم وجنسياتهم. فالمدرسة نظرية أو إطار فكري عام معين يٌتخذ لمعالجة البحث اللغويّ. فلا تعد المدرسة مدرسة إلا إذا حددت رؤى و أهدافا ثابتة ، واتخذت لنفسها أصولا وأسسا مخصوصة، ورسمت منهجا واضحا تسير عليه في معالجة المسائل والقضايا.
تعريف الحلقة:
ونعني بها مجموعة من الناس ترتبط فيما بينها برابطة معينة، وهي جماعة متعودة على الاجتماع معا، وتكون هذه الجماعة محدودة في عددها ومجال اهتمامها، كما ترتبط بمكان محدد.
تعريف النظرية:
هي مجموعة من الآراء والأفكار (فرضيات، قواعد منطقية) مجردة ومنظمة يقوم عليها تفسير ظاهرة ما.
أولاً: من المدارس اللسانية الأوربية:
(1) المدرسة البنيوية (مدرسة جنيف) (structuralisme) مع سوسير:
ومن أهم مبادئ هذه المدرسة:
أولاً: العلاقة بين اللغة والكلام.
ثانيًا: تحليل الرموز اللغوية.
ثالثًا: دراسة التركيب العام للنظام اللغوي.
رابعًا: التفرقة بين مناهج الدراسة الوصفية ومناهجها التاريخية.
(2) المدرسة الوظيفية مدرسة (براغ) (fonctionnelle) مع ياكوبسن ومارتيني:
ومن أهم مبادئ هذه المدرسة:
أولاً: وضعت هذه المدرسة نظرية كاملة في التَّحليل الفونولوجي.
ثانيًا: تحديد الوظيفة الحقيقية للغة، التي تتمثل بـ (الاتصال).
ثالثًا: اللغة ظاهرة طبيعية، ذات واقع مادي يتصل بعوامل خارجة عنه.
رابعًا: الدعوة إلى الكشف عن تأثر اللغة بكثير من الظواهر العقلية والنفسية والاجتماعية.
(3) المدرسة النَّسقية مدرسة (كوبنهاكن) (glossématique) مع هلمسليف:
ومن أهم مبادئ هذه المدرسة:
أولاً: اللغة ليست مادة، وإنَّما هي صورة أو شكل.
ثانيًا: جميع اللُّغات تشترك في أنها تُعبِّر عن محتوى.
ثالثًا: يوضع لتحليل اللغة نظرية صورية رياضية تصدق على جميع اللغات.
رابعًا: تقوم على النقد الحاد للسانيات التي سبقتها وحادت في نظرها عن مجال اللغة بانتصابها خارج الشبكة اللغوية.
خامسًا: تقوم على النسقية التي تنصب على داخل اللغة، فهي تصدر منها وإليها ولا تخرج عن دائرة اللغة المنظور إليها على أنَّها حقل مغلق على نفسه وبنية لذاتها.
سادسًا: تسعى إلى إبراز كل ما هو مُشترك بين جميع اللغات البشرية، وتكون اللغة بسببه هي مهما تبدل الزمن وتغيرت الأحداث.
(4) مدرسة السِّياق:
هي ما عُرف بمدرسة "فيرث": يُعدُّ فيرث صاحب نظرية السِّياق، لما له من أثر كبير في صياغتها والتَّوسع في مُعالجتها، بحيث أصبحت على يديه نظرية لغوية مُتكاملة، قد تلتقي في بعض جوانبها مع آراء اللغويين القدماء، ولكنها دون شكٍّ تختلف عن تلك الآراء؛ من حيث المنهج والمصطلحات والأفكار.
المدارس اللسانية
أول مدرسة لغوية حديثة هي مدرسة سوسير باسم مؤسسها فرناند دي سوسير وبعض اللغويين يحلو لهم تسميتها
مدرسة(جنيف)
غيرت هذه النظرية طبيعة التفكير اللغوي, ووضعت حدا فاصلا بين عهدين من الدراسة اللغوية,عهد الدراسة التقليدية الممتد من زمن الأغريق حتى بداية القرن العشرين,وعهد الدراسة الحديثة التي بدأت مع ظهور مدرسة سوسير,
لقد قامت نظرية سوسير في دراسة اللغة على منهج جديد يستند الى أسس محددة, ويتسم بسمات مخصوصة, لعل أهمها,هو النظر الى اللغةعلى انهانظام من العلامات اللغوية,يرتبط بعضها ببعض بشبكة من العلاقات,أوهي مجموعة عناصر متشابكة,لاينعزل فيها عنصر عن عنصر اخر داخل هذا النظام,فأذا خرج عنصر من الشبكة,ولم تكن له علاقة بغيره,فقد قيمته.
ونتيجة لنظرة سوسير هذه الى النظام اللغوي,وما يكونه من العناصر,فقد وقف بعمله اللغوي عند حدود الوصف والتحليل والتفسير بطريقة علمية موضوعية.
ولناعودة مع مدرسة لسانية اخرى ان شاء الله.
المدرسة اللغوية الثانية
مدرسة(براغ)
,فقد أفادت هذه المدرسة كثيرا من أصول مدرسة سوسير,لكنها غيرت بعض الأصول وطورت بعضها الاخر.
وكان من أشهر مؤسسي مدرسة براغ (نيكولاي تروبتسكوي ت 1938)و(رومان ياكيسون ت1982).
لقد وضعت هذه المدرسةنظرية كاملة في التحليل الفونولوجي,وأقامت هذه النظرية على تصور خاص للفونيم,ولم يكن هذا التصور الا منبعثا من ثنائية سوسير المعروفة وهي (اللغة)و(الكلام)
فالفونيم عند (تروبتسكوي)يكون مرة من (اللغة)بوصفها نظاما متعارفا عليه في بيئة معينة,
ويكون مرة أخرى من (الكلام)الذي هو ممارسة فعلية فردية للفرد..
والفونيم هنا يدرس ضمن فرع من علم اللغة هو (علم الأصوات اللغوية),وحين يكون الفونيم من الكلام فأنه ينضم الى غيره من الوحدات الصوتية الأخرى لبناء مفردة معينة,يكون لها معنى خاص وللفونيم هنا تكون له وظيفة لغوية وأثر في المعنى,فأذا استبدلنا وحدة صوتية أخرى اختلف معنى المفردة وصارت كلمة اخرى, ومن الأمثلة على ذلك الفونيم(ن) الذي يكون معزولا عن غيره ويكون مرة أخرى عنصرا من عناصر الحدث الكلامي, وذلك اذا أنضم الى غيره وتألفت مفردة, كقولنا(نام) اذا استبدلنا به(ق) اصبحت المفردة(قام) فقد تغيرت الكلمة واصبح لها معنى اخر
إن السمة المميزة في اللسانيات المعاصرة هي البنيوية،ولقد كرست اللسانيات المعاصرة لوصف نظام اللغة،انطلاقا من اللغة/اللغات،فاللغة لم تظهر كتطور،كتاريخ،ولكن من حيث إنها بينة ذات قوانين وقواعد وظيفية.فالأمر هنا يتعلق بتحليل بنيات الدلالة،أو تحليل التغيرات الداخلية لبنية تتحول دون البحث عن أصلها،وتتبع تطوها.
لقد انطلقت اللسانيات البنيوية انطلاقا من "محاضرات اللسانيات العامة"لسوسير،وانطلاقا من أعمال مشتركة لمدرسة براك،و التي تفرعت بدورها إلى عدة تيارات منها مدرسة كوبنهاجن.
1-البنيوية الأوربية:
يعتبر سوسير أول من قال بأن اللغة نظام من العلامات،أي أن اللغة مجرد نسق منسجم،وهو بذبك يمثل فهما للواقع الخارجي،غير أن الفيلسوف هوسرن يذهب إلى أن اللغة تُوضع عبر نظام المنطق الذي يعطي الاستواء للتنظيم اللغوي،كما يدرس نظام اللغة و مورفلوجيا العلامات،و القواعد التي تمكن من تأسيس كلام ذو معنى.
ويذهب سوسير إلى أن اللغة ظاهرة اجتماعية نفسية.وهكذا تعامل سوسير مع اللغة كموضوع للدرس اللسني،وذلك من خلال المبدأ القيم،وهو دراسة اللغة في حد ذاتها،و لذاتها.هكذا يبدو لنا ابتعاد سوسير عن الاعتقاد الذي كان سائدا في القديم.حيث إن اللغوي القديم،كان يدرس اللغة لا من أجلها،ولكن من أجل غايات غير لغوية.
أما لفي ستراوس،فينظر إلى دراسة سوسير للغة بوصفها نسقا مستقلا بذاته،نسقا يقوم على التشبت بعلاقة فاعلة تصل مكونات العلامة اللغوية،أي تصل بين نسق اللغة و الكلام الفردي من جهة،و بين الصورة الصوتية(الدال) والمفهوم(المدلول) من جهة ثانية.
إضافة
*-مدرسة براغ:
من بين الفرضيات العامة لمدرسة براغ نجد ما يلي:
-اعتبار اللغة كنظام وظيفي،وذلك لأن اللغة الناتجة عن العمل اللساني إنما هي نظام لوسائل التعبير،حيث الهدف و تحقيق مقاصد كل متكلم في التعبير و التواصل.
-التأكيد على أن أحسن طريقة لمعرفة جوهر اللغة هو التحليل السانكروني لضمان الفعلية.
-على اللساني الاهتمام بالدراسة الفونيتيكة، و الدراسة الفونولوجية للنظام اللغوي.
يعتبر "تروبتسكوي" المشرع الحقيقي لأفكار مدرسة براغ،كما ساعده وطور مفاهيمه "ياكبسون"،إذ انصب اهتمامهما حول النظريات الفونولوجية .وعموما فمدرسة براغ مرتبطة بسوسير و مبادئه الأساسية؛إذ تنطلق المدرسة من تقسيم سوسير للغة و الكلام،كما يردد تروبتسكوي فكرةَ سوسير حول اعتبار اللغة نظاما يوجد في وعي أعضاء الجماعة.
*-مدرسة كوبنهاجن:
تعتبر هذه المدرسة،أهم التيارات البنيوية الحديثة في اللسانيات.وقد عرفت هذه المدرسة بالكلوسيمائية التي اعتمدت المنهج التحليلي و الاستنباطي،وقد درست اللغة أيضا على أنها صورةforme و ليست مادة substance، و اعتبرت اللغة حالة خاصة من النظام السيميائي.
ومن اللسانيين المتقدمين في مدرسة كوبنهاجن،نجد "بروندال" ،الذي حاول إيجاد المفاهيم المنطقية و الطبيعية داخل اللغة،وقد كتب في "أقسام الكلام" أن فلسفة اللغة لها موضوع، وهو البحث عن عدد المقولات اللسانية وتحديدها.أما يمسليف، فقد كان شارحا لآراء سوسير،إذ كانت آراؤه عبارة عن نظريات سوسيرية،خاصة فيما يتعلق بالعلامة اللغوية، أو العلاقات،أو صورية اللغة.وذلك أنه انطلاقا من التصور المنطقي،الصوري للغة،يجب وجود نظرية للعلامة.
2-البنيوية الأمريكية: لقد اتجهت البنيوية الأمريكية نحو اللسانيات البنيوية الشائعة،انطلاقا من أعمال كل من "بواس"،و"سابير"،و "بلومفيلد".
يرى سابير أن اللغة عمل اجتماعي تواصلي،و إنتاج تاريخي.و اللغة،أيضا، تمثيل للتجربة الواقعية،وهو بذلك يقدم تصويرا ماديا للغة،ذلك أنه اعتبرها انعكاسا للمحيط،يشكل سابير تصورا بنيويا للغة و ذلك من حيث إنها بنية،فهي تؤسس قالبا للفكر.
إن التصور السلوكي للغة عند بلومفيلد،يعود إلى الترسيمة المشهورة:"مثير/استجابة".ذلك أن بلومفيلد يدرس التصرف الإنساني كمجموعة من المثيرات و الاستجابات،وذلك ليشرح على ضوئها الظواهر اللغوية،فالمثير هو حدث واقعي يمكن أن يتوسط من خلال الخطاب،فهو إذن يعوض حركة شفوية"الكلام"أي الاستجابة التي نتجت عن الموجات الصوتية التي أنتجها المتكلم عبر الهواء.
وانطلاقا من بلومفيلد،تعرضت البنيوية الأمريكية لوصف البنية التركيبية،كما درست المكونات المباشرة دون تسميتها،ولكن أشار إليها بواسطة الأقواس.
كما يذهب "هاريس" إلى أن الجملة تجزأ إلى مجموعة عناصر أو مركبات،تسمى بالمكونات المباشرة للجملة،وهذه الأخيرة تقسم هي بدورها إلى متواليات صغرى تسمى بالمكونات المباشرة للمركب،وتستمر العملية إلى أصغر المكونات للجملة، و هي :المورفيمات