1- العوامل الداخلية (النفسية)
1-1 الدوافع
أن دراسة دوافع السلوك الإنساني ليست بالأمر السهل كونها لا ترى بالعين المجردة وإنما يمكن ملاحظة السلوك الذي ينجم عنها، لذلك يمكن أن نجد سلوكيين مختلفين لنفس الدافع أو نفس السلوك لدافعين مختلفين مثلا:إذا لاحظنا شخصان يتناولان وجبة الغذاء في مطعم، فإننا نفسر الموقف بأن هذين الشخصين يأكلان بسبب الجوع، لكن قد تكون الحقيقة خلاف ذلك فربما أحدهما يأكل بسبب الجوع بينما الثاني يشاركه الطعام لأنه يريد أن ينتهز الفرصة ويتحدث معه في أمر مهم، إذن فالدوافع مفهوم نفسي تجريبي لا يمكن ملاحظته بالعين ولكن له دور كبير في تحريك السلوك الشرائي لذلك يجب دراسته بشكل معمق من أجل تغيير السلوك الشرائي وتكراره بالنسبة لنفس السلعة أو الخدمة .
تعريف الدوافع:
عرف Howard الدوافع بأنها "غايات وأهداف يعينها المستهلك حتى يقلص من حالة التوتر
كما يعرفها Henri بأنها "المحددات الفيزيائية والعاطفية التي تدفع الفرد إلى اتخاذ موقف معين أو القيام بسلوك معين الذي قد يكون موضوعي أو شخصي وقد يكون واعي أو غير واعي"كما يعرفه Lewin الدافع على أنه "اختلال أو حالة من عدم التوازن بين وظيفة المستهلك الحالية والمستوى الذي يرغب في الوصول إليه".
من خلال التعاريف السابقة يمكننا استخلاص خصائص الدوافع:
- الدوافع هي نتيجة لحالة التوتر الناجمة عن الانحراف بين الوضعية أو الحالة التي يرغب الفرد في الوصول إليها أو الوضعية المدركة من طرفه و الوضعية الحالية التي يعيش فيها؛
- الدوافع ترجع لأسباب داخلية مثل الجوع والبرد وخارجية كشراء سيارة جديدة والحصول على وظيفة أو كلاهما معا مثل:الحاجة إلى الانتقال بين البيت والعمل وبطريقة مريحة وفي وقت مبكر؛
-تتحكم في الدوافع مجموعة من المحددات منها الفيزيائية مثل الإحساس بالبرد والجوع ومنها العاطفية أو النفسية مثل:التعلم والتدرج في مناصب المسؤولية في العمل؛
- الدوافع لا يمكن ملاحظتها مباشرة إنما يمكن الاستدلال على وجودها بملاحظة السلوك الظاهر للفرد فهي عبارة عن هيكل متداخل يعرف على أساس اشتراطات سابقة وسلوك لاحق يمكن من خلاله الاستدلال على نوعية الدافع.
2: الإدراك
عندما يثار الشخص أو يحرض يكون جاهز لقيام بفعل ما، ولكن هذا السلوك (الفعل) يتأثر بكيفية إدراك الشخص للمنبه أو المؤثر الذي تعرض له، فقد يتعرض شخصان لنفس المنبه، ومع ذلك يتصرفان بطريقة مختلفة تماما، وهنا لابد من طرح السؤال التالي: لماذا يدرك الناس نفس الحالة (الوضع) بشكل مختلف؟ فكل منا يكتسب معرفته من خلال تدفق المعلومات عبر حواسنا الخمس، وكل منا يستقبل وينظم و يفسر هذه المعلومات الحسية بطريقة شخصية (فردية).
فالإدراك المختلف لنفس المنبه يعود إلى التعاون مع هذه المعلومات أو المؤثرات التي يتعرض لها بطريقة شخصية (فردية) تختلف من شخص إلى أخر نظرا الاختلاف خصائص الأفراد النفسية والديمغرافية ولاختلاف حاجاتهم وأهدافهم .
2-1- تعريف الإدراك:
يعرف (Richard Ladwein 1999) الإدراك على "انه العملية التي من خلالها يستطيع الفرد إعطاء معنى للمعلومات التي يتحصل عليها من البيئة التي يعيش فيها"، ومعرفة سلوك الإدراك وتفسيره يسمح لرجال التسويق بوضع السياسات التسويقية الملائمة لذلك.
ويعرفه (Kotler et Dubois 2002) على أنه "العملية التي من خلالها يقوم الفرد بتنظيم وترجمة المعلومات الخارجية من أجل بناء صورة متكاملة عن العالم الذي يحيط به
من خلال التعاريف السابقة، نجد بأن الإدراك هو العملية التي يمكن للفرد بواسطتها اختيار وتنظيم وتفسير المنبهات الداخلية منها والخارجية التي يتعرض لها مستخدما في ذلك الحواس الخمس، كما أن عملية الإدراك تمر بعدة مراحل ابتداءا من تلقي المثير أو عدم تلقيه إلى غاية تكوين صورة ذهنية عنه.
ويمكن توضيح هذه المراحل في الشكل التالي:
شكل رقم (1-5 ): مراحل الإدراك الحسي
المصدر:أحمد علي سليمان: سلوك المستهلك بين النظرية والتطبيق مع التركيز على السوق السعودية، معهد الادارة العامة، الرياض، 2002، ص:127
2-2 عناصر الإدراك:
يتكون الإدراك لدى الأفراد من ثلاثة عناصر تتمثل فيما يلي:
-الإدراك الاختياري: يمثل عنصر الاختيار الركن الأساسي في عمليه الإدراك الحسي ذلك أن الأفراد غالبا ما يتعرضون للكثير من المنبهات لكنهم لا يختارون منها إلا تلك المنبهات التي تعتبر أكثر أهمية لهم وتتفق مع حاجاتهم الحالية وخبراتهم السابقة،كما أن الأفراد عادة يميلون إلى اختيار تلك المنبهات التي تكون جديدة وفريدة أو غريبة من ناحية خصائصها أو حدوثها لأول مرة ،كما ان قدرة الأفراد على اختيار منبه من بين مجموع المنبهات التي يتعرضون لها تتأثر اولا وأخيرا بالنمط العلم لشخصياتهم.
-التنظيم الإدراكي: يقوم الأفراد عادة بتنظيم المدركات الحسية التي يختارونها في مجموعات يسهل استرجاع مداولاتها للاستفادة منها في تفسير معانيها أو مضامينها، وهنا أيضا يختلف الأفراد من الناحية تنظيمهم للمدركات التي اختاروها حيث أن بعضهم ينظم ما تم اختياره بطريقة عفوية ، وقد ينظم عدد غير قليل من الأفراد ما اختاروه من منبهات بطريقة سلبية فهما و تفسيرا لأن هناك عطبا أو تلفا قد يكون في نظامهم الإدراكي العام.
2-3- العوامل المؤثرة في الإدراك:
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في عميلة الإدراك والتي يمكن تقسيمها إلى 3 أقسام رسمية وهي:
العوامل المتعلقة بالمثير: هي مجموعة العوامل التي تؤثر على مقدرة الفرد على إدراك المثير والتي لها علاقة بالمثير نفسه وأهم هذه العوامل نذكر:
-شدة المثير: إن الفرد يميل إلى ملاحظة المثيرات الغير مألوفة بالنسبة له، مثل ملاحظة ضوء شديد من بين أضواء خافتة أو صوت كمرتفع من بين مجموعة من الأصوات الخفيفة؛
-حجم المثير: إن الفرد يتأثر بحجم المثير، فكلما كان حجم المثير كبير زاد احتمال انتباه الفرد إليها، فقد بينت نتائج الدراسات أن الإعلانات التجارية التي تنشر في صفحة كاملة تزيد من احتمالات انتباه الأفراد إليها، وسيتذكرونها أكثر في المستقبل؛
-حركة المثير: إن الأجسام المتحركة تجذب الانتباه أكثر من الأجسام الثابتة، لذلك فالإعلانات المتحركة تعتبر أكثر تأثيرا مقارنة بالإعلانات الثابتة، لذلك نرى رجال التسويق يتخذون أحيانا الأضواء الواضحة والرسوم المتحركة في الإعلانات بهدف جلب انتباه المستهلكين؛
-تكرار المثير: والمقصود به تكرار المثير في أوقات زمنية متقاربة من أجل تعزيز إدراك الأفراد للرسالة الإعلانية، لذلك يقوم رجال التسويق بتكرار الومضات الاشهارية اثناء أوقات الذروة في المشاهدات التلفزيونية.
العوامل المتعلقة بالفرد:وتتضمن مجموعة الخصائص والفئات التي يحملها الفرد وتختلف هذه الخصائص من فرد لآخر. وتحدد هذه العوامل مدى استيعاب وإدراك الفرد إلى كل ما يدور من حوله من مثيرات خارجية، وأهم هذه العوامل نجد
- الدوافع: وتعبر عن المثيرات الداخلية أو الخارجية الفطرية والمكتسبة التي توجه وتنسق بين تصرفات الفرد وتؤدي به إلى انتهاج سلوك معين بالطريقة التي تحقق لديه الاشباع المطلوب، ومن ثم فعلى رجل التسويق أن يقوم بدراسة دوافع الشراء وحاجات المستهلك إذا أراد أن يعرف ما يلفت انتباهه،و تؤثر الحاجات غير المشبعة في دوافع الفرد وبالتالي تحدد ما يدركه من بين المثيرات التي يواجهها في حياته اليومية، فعلى سبيل المثال: يكون الإعلان عن سلعة غذائية أكثر فعالية إذا بث قبل تناول العشاء بقليل مما لو بث بعده مباشرة، ويمكن للفرد كذلك أن يدرك الإعلانات عن مشروبات بسهولة في ايام الصيف الحارة.
- الحالة الذهنية: تشير الحالة الذهنية إلى مدى قدرة الفرد على الاستجابة بطريقة معنية لمثير محدد من حوله.، فهو يلعب دورا أساسيا فيما يدركه الفرد. فمثلا، يمكن للأم الجالسة في غرفة ان يشد انتباهها بكاء طفلها أكثر من غيرها من الأشخاص الموجودين معها في نفس الغرفة.
- الخبرة: تساعد الخبرات و المعارف المكتسبة للفرد على توسيع إمكاناته في إدراك المثيرات التي تدور حوله، فالشخص الذي قام بشراء سلعة معينة وحققت له الإشباع المطلوب، فإن هذه الخبرة الإيجابية ستساعده في تكرار شراء نفس السلعة في المستقبل.
- الدور والمكانة الاجتماعية: يقصد بالدور الاجتماعي لفرد ما تلك المجموعة من الأنشطة و التصرفات التي يتوقع الأفراد المحيطون به القيام بها، فكل واحد منا يقوم أو يتبنى أدوار مختلفة في مناسبات متنوعة، فأي شخص منا قد يكون في البيت أخا أو أبا وفي المؤسسة موظفا و في الجامعة طالبا أو استاذا...إلخ، فكل دور من هذه الأدوار يؤثر تأثيرا خاصا على الإدراك، فمثلا يفضل الطلبة في الجامعات عادة الشعر الطويل و الملابس الشبابية لكن عندما يتخرجوا من الجامعة ويباشرون حياتهم العملية يغيرون إدراكهم نحوى الشعر الطويل و الملابس التي كانوا يلبسونها ايام الجامعة لذلك فالمكانة الاجتماعية هي عامل آخر يؤثر على الأدوار وبالتالي على الإدراك،ويظهر ذلك بوضوح في اختبار اللباس وتأثيث المنزل، فما يراه البعض جميلا يراه الآخر متقدما و سوقيا.
- القدرات الذهنية (الذكاء): يقصد بالذكاء قدرة الفكر على حل المشاكل الجديدة، فالذكاء لا يكون إلا عند ما توجد صعوبات يتوجب على الفرد التغلب عليها دون اللجوء إلى العادات المكتسبة، فالشخص الذكي يكون أقدر على التكيف مع الوضعيات الجديدة و بالتالي أقدر على امتلاك قدرات إدراكية أكثر من الشخص الأقل ذكاء.
مجموعة العوامل المتعلقة بالبيئة الاجتماعية:
تؤثر العوامل الاجتماعية كالأسرة والجماعات المرجعية في السلوك المستهلك وبالتالي في جذب انتباهه إلى المثيرات المحيطة به، فالأسرة التي تعتبر الوحدة الاجتماعية الأولى التي يتربى فيها الفرد و فيها تتكون اتجاهاته و دوافعه شخصية وسلوك، تؤثر كثيرا في درجة إدراكه للمثيرات الخارجية،وإضافة الى ذلك تؤثر الجماعات المرجعية كالأصدقاء والزملاء في العمل وما إلى ذلك من أداء الفرد ومعتقداته و طموحاته.
3 :التعـــــلــم
يعتبر التعلم أحد أهم العوامل النفسية المؤثرة في سلوك المستهلك، فالمستهلك يكتسب و ميولاته من خلال تعلمه، كذلك مستوى الإدراك يتأثر بشكل كبير بتعلم الفرد، لذلك لابد من التعرف على المؤثرات التي تحكم في مستوى التعلم و كيف يؤثر هذا الأخير في سلوك المستهلك.
3-1 تعريف التعلم: يعرف التعلم بأنه "كل العمليات أو الإجراءات التي يتم بواسطتها إما تعديل أنماط سلوكية أو تعديل توقعات فرد معين بناء على خبراته السابقة، و يتعلق مستوى التعليم بدرجة تفكير الشخص وتفسيره لخبراته السابقة)
كما يعرف التعلم على أنه "مجموع التغيرات التي تؤثر في شدة استجابة المستهلك للمؤثرات المختلفة والتي تعود إلى تجارب سابقة"
أماKotler فيعرف التعليم على أنه "كل التعديلات التي تحصل على سلوك الشخص نتيجة تجارب عاشها وتعتبر اغلب سلوكياتنا متعلمة أو مكتسبة.
من خلال التعاريف السابقة نجد بأن التعلم هو مجموع التغيرات التي تطرأ على سلوك الفرد سواد المكتسبة أو غير المكتسبة وذلك بناءا على خبراته السابقة.
أما من وجهة النظر التسويقية، فيمكن تعريف التعلم بأنه كافة الإجراءات الهادفة إما إلى تعريف أوإحداث أنماط سلوكية ترتبط بالسلع والخدمات والأشياء والتي بواسطتها قد سيحصل الأفراد على معلومات، أو معرفة تساعدهم في اتخاد قراراتهم ومواقفهم تجاه الأمور المرتبطة بحياتهم، ويلاحظ أن هذا التعريف ينبع من منظور اجتماعي وتسويقي بالإضافة إلى انه ينظر لعملية التعلم على أنها
4: الشخصية
إن معرفة شخصية الفرد يمكن أن تكون وسيلة لتوقع سلوكه. وهناك العديد من الدراسات و البحوث التي أثبتت علاقة الشخصية بالسلوك الشرائي للفرد.
4-1 تعريف الشخصية:
عرف (Alport) الشخصية على أنها "التنظيم الديناميكي داخل الفرد لتلك الأجهزة النفسية والجسمية التي تحدد طبعه الخاص في توافقه لبيئته.
ويعرفها (Perry) بأنها "تركيب داخلي لدى الفرد والذي من خلاله يحدد تأقلما فريدا مع البيئة المحيطة به"
كما تعرف الشخصية بأنها مجموعة من الخصائص التكنولوجية المتميزة التي تؤدي إلى نمط من الاستجابات المتسقة والثابتة للمحيط.
كما عرفها (Cattel) على أنها "كل ما يمكننا من التنبؤ بما يفعله الشخص عندما يوضع في موقف معين"، ويضيف أن الشخصية تختص بكل سلوك يصدر عن الفرد سواء كان ظاهر أو خفيا.
من خلال ما سبق نجد بأن الشخصية هي مجموعة الصفات والخصائص السيكولوجية التي يتميز بها الفرد والتي تحدد طبعه وتجعله يتأقلم مع بيئته.