تحليل مضمون السمعي البصري الجزء الثاني
(محاضرات من 8 الى 12 )

محاضرة رقم 8

التحليل السيميولوجي

        1. -  تعريف المنهج:

     - لغة: الكلمة من أصل اليوناني Sémion الذي يعني علامة، و Logos الذي يعني خطاب، الذي نجده مستعملا في كلمات من مثل علم الاجتماع Sociologie، علم الأديان Théologie، وعلم الأحياء Biologie "...الخ، و العلامة عند الإغريق تدل على عرض من الأعراض المرضية لذلك ارتبطت السيمياء منذ القدم بالطب.

   - اصطلاحا: السيمياء أو السيميولوجيا هي دراسة الإشارة، وباستثناء هذا  التعريف الأساسي لا يتفق المتخصصون على ما يتضمنه هذا المصطلح، وأحد أوسع التعريفات قول أمبيرتو ايكو Umberto Eco: " تعنى السيميائية بكل ما يمكن اعتباره إشارة ".

ويعرف السيميائي رومان جاكبسون السيميائية "بأنها علم الإشارات العام، الذي يشكل حقل الألسنية - أي علم الإشارات المنطوقة - أساسه(، كما يعرفها رولان بارث بقوله السيميولوجيا هي " هذا العلم الذي يمكن أن نحدده رسميا بأنه علم الدلائل".

ويعتبر السيميائيون عامة أن الأفلام وبرامج التلفاز والراديو وملصقات الإعلان وما إلى ذلك، هي نصوص، ويتحدثون عن قراءة التلفاز، ويرى بعضهم أن وسائل الاتصال، كالتلفاز والأفلام هي في بعض جوانبها كـ "اللغات"، وتدرس السيمياء العامة العلامات بجميع أنواعها والتي تشترك في أنها تربط الشيء المادي سواء كان صوتا أو كتابة أو إيماء أو صورة أو حركة، بمدلول ما، هو المعني.

وبالنسبة لتسمية هذا العلم فقد تعرضت السيميولوجيا كغيرها من العلوم  الناشئة إلى أزمة المصطلح، وتنوعت استخداماتها، فهي السيميولوجيا عند دوسوسير، وهي السيميائية عند بيرس، وحتى علم الدلالة أحيانا.

ويمكن أن نقول انطلاقا من التعاريف السابقة أن السيميولوجيا هي علم يختص بدراسة العلامات و المضامين الإيديولوجية في مختلف المجالات بهدف الوصول إلى المعاني والمضامين الكامنة في نظامها الداخلي، وذلك بإتباع خطوات دقيقة ومرتبة تبدأ بتفكيك المادة المراد تحليلها ثم إعادة بنائها من جديد للوصول إلى الربط بين مختلف وحداتها الصغرى من أجل وضع فكرة عامة حول الموضوع المدروس.

 

 

2- خطوات التحليل:

عند الكلام عن النص فإن التفكير يذهب مباشرة إلى اللغة، ولكن المقصود ليس اللغة المنطوقة وحدها، وإنما كل ما يتبعها من حركات وإيماءات وإشارات قد تودي معنى ما قد لا يلحظه المحلل من أول قراءة.

وكما أن النص المكتوب يحمل معنى كذلك الصورة والأنساق الأخرى كالفن التشكيلي، الموسيقى، المسرح، السينما، إذ يوجد بين جميع مفرداتها دالا ومدلولا والعلاقة التي ترتبط بينهما وتنتج معنى.

إن التحليل النصي هو متابعة نص من خلال جميع شفراته وهو ما يتعارض مع تحليل الشفرات الذي يكمن في متابعة جميع الشفرات من خلال جميع النصوص أو عدد منها، وهو يختص بدراسة النص الفيلمي بكامله، وهو التحليل الذي يشمل جميع المتتاليات المؤلفة للفيلم الواحد، أو يكتفي بدراسة متتالية واحدة، ويسمى في الحالة الأخيرة بالتحليل المتعلق بالمتتالية أو التحليل المشهدي، و هدفه الأساسي هو الكتابة المكونة من مجموعة من الشفرات، إلى جانب الصورة المتحركة، والصوت المنطوق به والصوت التشابهي، صوت الموسيقى والبيانات المكتوبة.

ويعتبر رولان بارث أول من وضع منهجية مفصلة ودقيقة للتحليل السيميولوجي، ويمكن تفصيل خطواتها الإجرائية فيما يلي:

أ- تحليل الرسالة الأيقونية:

* المستوى التعيني: ويعني به الدلالة الحقيقية التي يمكن أن ترى بالعين لأول مشاهدة وتكون في الغالب سهلة فهي في متناول المتفرج العادي والباحث المحلل، فيمكن أن نقول أنها قراءة مبدئية او سطحية أو أولية لمكونات المادة المراد تحليلها، ولكنها ضرورية كون القراءة الثانية أي التضمينية تتوقف على مدى دقة المستوى الأول من التحليل.

و هذه القراءة تتناول إما المتتاليات ( مشاهد متتابعة إذا جمعت يمكن أن تعطي فكرة عامة مستقلة تستحق التحليل) أو المشاهد (مجموعة من اللقطات) أو اللقطات وهي أصغر الوحدات الفيلمية

* المستوى التضميني: وهنا يتم التركيز على لغة الصورة التي هي في المحصلة نتاج لاستعمال الكاميرا للتعبير عن المضمون الدرامي، هذا الاستعمال يختلف من مخرج إلى آخر حسب الرؤية التي يريد تجسيدها.

والعناصر التعبيرية في اللغة السينمائية قسمت إلى شفرات مختصة وغير مختصة، فالمختصة هي تلك التي تستقل بها السينما ولا توجد في غيرها كحركة الكاميرا وزاويا التصوير وسلم اللقطات، وغير مختصة التي توجد في أغلبية الأنساق المعروفة كالمسرح والرواية.

وكمثال على القدرات التعبيرية الذاتية لبعض عناصر اللغة البصرية نجد مثلا اللقطة العامة توحي للمشاهد بالعزلة والقلق والحزن، والزاوية المنخفضة توهم بتقزيم الشخصية المصورة، وعكسها العالية قد تجعل المتلقي يشعر بأن حجم الشخصية أكبر بكثير من حجمها الطبيعي، فهي توحي بالعظمة والقوة والكبرياء.

في هذا المستوى من التحليل يتم التركيز على الرسائل المشفرة غير المباشرة، وهنا يقوم الباحث بربط الجانب الكمي الذي تحصل لديه باستعمال تقنية التقطيع التقني بالبعد الإيديولوجي والقيمي للمضمون، ومن ثم الوقوف على مختلف المعاني والدلائل التي لم تظهر في المستوى الأول.

وهي عملية معقدة ومرتبطة بشكل كبير بقدرة الباحث عل تفكيك مختلف الدلالات التنظيمية في الأعمال الفنية ثم إيجاد تفسير منطقي ومقبول لها. وفي هذا يقول بارث:"إن الصورة ليست الأشياء التي تمثلها وإنما استعملت لتقول أشياء أخرى"

ب- تحليل الرسالة اللسانية:

إلى جانب تحليل الرسالة الأيقونية يتم تحليل الرسالة الألسنية المصاحبة لها وفق وظيفتي الترسيخ والمناوبة. وقد تكون الرسالة اللسانية في شكل منطوق أو مكتوب على الشاشة، أو الموسيقى المستخدمة.

ج- أدوات التحليل: وتشمل العناصر التالية:

*التقطيع التقني:وهو يركز على نوعين من الوحدات وهما اللقطات والمتتاليات،

*التجزئة:وهي عملية تقنية تستهدف تحديد اللقطات.

*وصف الصور: وذلك بتحويل المعاني والمضامين البصرية إلى لغة مكتوبة مختصرة قدر الإمكان، وهذا العمل يظهر بشكل واضح في خانة محتوى اللقطة.

-الأدوات الاستشهادية: وتتضمن:

*نسخة من العمل المراد تحليله.

*الوقف عند الصورة:وذلك باستعمال تقنية التصوير البطيء والتوقف عند الصورة .

     - الأدوات الوثائقية:وتتضمن:

*بيانات سابقة: أي كل المعلومات والمقالات والتحليلات التي يدلي بها الكتاب والنقاد المتخصصون قبل عرض العمل المراد تحليله على الجمهور العريض.

*بيانات لاحقة: وهي نفس المعلومات السابقة ولكن التي تنشر بعد عرض العمل الفني على الجمهور.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة رقم 9

اللغة البصرية... اللقطة

1 - مفهوم اللغة البصرية:

تستخدم الاعمال الفنية المقدمة على شاشة التلفزيون والسينما لغة بصرية خاصة تعبر من خلالها على مضمون فكري وثقافي وقيمي معين ويتوقف فهمنا لهذا المحتوى الجيد أو الرديء على مدى قدرتنا أولا على استيعاب مفردات هذه اللغة الخاصة.

ولعل أهم هذه المصطلحات التي تستخدم في عالم السينما والتلفزيون ما يلي:

- اللقطة: وهي الوحدة الأولية المستقلة لحركة الكاميرا.

- المشهد: وهي الوحدة الدرامية في مكان واحد وفي زمن واحد، وهو مكون من عدة لقطات، ولو حدث تغير في المكان أو الزمان تأسس مشهد جديد.

- السلسلة: وهي الوحدة الدرامية الأهم وتتكون من مجموعة مشاهد والتي بواسطتها تتطور الشخصية الدرامية والمواقف في الفكرة أو الحدث الدرامي.

ويعتبر الكثير من الباحثين المفردات السابقة مثل اللقطة والمشهد وزوايا التصوير والمونتاج وغيرها لغة بصرية محضة لها منطقها الخاص، وبالتالي يمكن إخضاعها للتحليل شأنها شأن اللغة المعروفة، حتى إن البعض منهم يجري مقارنة تبدو وللوهلة الأولى مقنعة، فيقول إن اللغة عند إخضاعها للتحليل تفكك بهذا الشكل: المفردات تشكل جملا والجمل تشكل نصوصًا، أي أن عملية التحليل تبدأُ من الكلمة صعودًا إلى النص أو تفكك النصوص إلى كلمات.

 

2. اللقطة:

2. 1 تعريف اللقطة:هي صورة من كاميرا، وهي الوحدة الأساسية للمشهد حيث تسبقها وتلحقها لقطات أخرى فتكون مع بعضها البعض وحدة متكاملة، وتعرف أيضا بأنها كمية المادة الداخلة ضمن إطار الشاشة.

ويعرفها احمد زكي بدوي "بأنها الصورة المرئية التي تلتقطها الكاميرا منذ بدء التصوير وحتى انتهاء   أو إيقاف التصوير"، في حين تعرفها منى الصبان بأنها وحدة بناء الفيلم، تماما مثلما أن الكلمة هي وحدة بناء اللغة ، فهي جزء من الفيلم المطبوع، الذي يبدأ من اللحظة التي يبدأ فيها محرك الكاميرا الدوران حتى اللحظة التي يتوقف فيها.

وتعتبر اللقطة الواحدة أساس العمل التلفزيوني وهي تبدأ بدوران الكاميرا حتى توقفها، كما تدوم اللقطة القصيرة ثانية واحدة أو نصف ثانية، ويمكن في بعض الحالات أن تكون اللقطة مساوية لمشهد كامل وذلك في حالة تصوير مشهد واحد بلقطة طويلة تسمى اللقطة المشهد.

إن اللقطة هي جزء من الفيلم الخام الذي يتم تصويره بصفة مستمرة ودون توقف للمرء أو المنظر أو أي شيء يُراد تصويره، وتحدد اللقطة من لحظة إدارة الكاميرا وهي في وضع معين حتى تتوقف أو حتى يتم النقل إلى منظر آخر في السينما أو كاميرا أخرى في التلفزيون.

تشكل اللّقطة من حيث نوعها، العنصر القاعدي للنحو السينمائي، لكونها أحد العناصر الأساسية لتحليل الفيلم، وذلك بتفكيكه لعدة عناصر متمايزة ثم إعادة تركيبه بإقامة العلاقات الموجودة بين هاته العناصر المنعزلة بهدف التحليل والتفسير.

إذن اللقطة هي الوحدة الصغرى للفيلم، أي الجزء الأصغر للسلسلة الفيلمية التي تمر أمام الكاميرا من البداية حتى النهاية، وتتألف اللقطة من العناصر التالية:

- المدة: La durée  وهي الفترة الزمنية التي تستغرقها اللّقطة.

- زاوية أخذ المنظر: L’angle de prise de vue

- ثبات أو حركة الكاميرا: La fixité ou le movement de la camera

- السلم: L’échelle أي موضوع الكاميرا بالنسبة للموضوع المصور.

- الموضوع كفيلم: L’objet du film

- التأطير: Le cadrage

- عمق المجال: La profondeur du champ

- موقع اللقطة بالنسبة للمونتاج والسلسلة الفيلمية.

- معنى الصورة:La définition de l’image

أما المشهد فيمثل تتابع المناظر التي لا تحدث بالضرورة في نفس الديكور، لكن تشكل مجموعا، إذ تحمل معني حقيقي، أما عن أنواع المشاهد فنجد العادية، المتوازية، الجزئية، المتناوبة... وهذه الأنواع تدخل ضمن الاعتبارات الفيلمية.

بينما الاعتبارات النصية المتعلقة بالسيناريو فنجد: الخارج / الداخل/ النهار/ الليل، البصري/ الحواري، الخاص/ الجماعي/ عام/ شخص واحد/ شخصين/ مجموعة أو مجموعتين.

وتعرف اللقطات السينمائية المختلفة بكمية المادة الداخلة ضمن إطار الثانية الواحدة.،وتعتبر الكاميرا بمثابة العين البشرية، وتلتقط تارة صورة كلية أو إجمالية (اللقطة العامة) وتارة أخرى تلتقط جزئيات أو صورة تفصيلية.

والجدير بالملاحظة أن عالم التلفزيون يرتكز على المونتاج والتجزئة إلى لقطات فهو قائم على التقطيع وتكون اللّقطة كوحدة مميزة بمثابة الكلمة وقد تضم اللّقطات ثلاثة عناصر أساسية هامة.

2.2 أنواع اللقطات: إن الاعتماد على نوع واحد من اللقطات أمر غير مسموح به الآن على الإطلاق، وتصوير المشهد بأي نوع من اللقطات كيف ما اتفق الأمر أيضا غير مسموح به لأن العشوائية والعبثية لا تؤدي في الأخير إلا إلى أعمال مشوهة وفاشلة.

أن التنوع المستمر بين أنواع وأحجام اللقطات أمر في غاية الأهمية لكونه يكسر الرتابة ويطرد الملل على المشاهد، كما يساعد من جهة أخرى على خلق التشويق والإبهار والتأثير على المتلقي وجعله متابع وفي للعمل المنجز، ومن أهم أحجام اللقطات المستخدمة نذكر ما يلي:

2. 1.2 اللقطة القريبة:

- تعريفها: هي اللقطة "الصورة" التي تبدو كبيرة الحجم في الكادر"الإطار" وعادة يظهر الرأس حتى منتصف الصورة أو أسفل الكتفين بقليل بالنسبة للشخص الذي يقف أمام الكاميرا، واللقطة القريبة يظهر فيها القليل جدا من موقع الحدث، وتركز على الشيء صغير نسبيا كالوجه الإنساني مثلا أو جزء منه.

- وظائفها: تقوم اللقطة القريبة بجملة من الوظائف أهمها:

-تساعد في خلق جو الإثارة عند المشاهد كونها تركز على مضمون اللقطة وذلك بتصوير بشكل بارز واضح ومفصل المنظر المراد إيصاله للجمهور.

-تساعد على إبراز تعبير الوجه وخاصة عند الشخصيات الرئيسية التي يدور عليها العمل الدرامي، هذه التعابير يمكن تلخيصها في الخوف، الحب، الحقد ،الترقب، الشك، الحيرة، الغضب، الاندهاش، الحزن، القلق وغيرها، وهي التي تجعل المشاهد يتعلق أكثر وأكثر بشخصية العمل الرئيسية ويتعاطف معها بشكل كلي وقد يندمج ويتوحد مع قصة المسلسل بشكل تام.

-تساعد على خلق أجواء تدفع بالمشاهد إلى حالات الترقب وحالات من القلق، وهذا ما يساعد على خلق التشويق الذي هو أهم عنصر من عناصر نجاح العمل الفني.

يمكن اعتبار اللقطة القريبة شكلا فنيا أو تعبيرا فنيا يعمل على إبراز بعض المعاني الخاصة في بعض المشاهد، فهو يفيد في إبراز جزء هام من الجسم دونه سواه ويكون هذا الجزء هو الطاغي والمسيطر على الكادر بشكل كامل.

2.2. 2- اللقطة المتوسطة:

- تعريفها: وهي التي تبدأ بالنسبة للإنسان من الخصر إلى أعلى الرأس وقد تكون لشخص واحد أو لشخصين أو لعدة أشخاص.

- وظائفها:تقوم اللقطة المتوسطة بجملة من الوظائف أهمها:

-تؤدي وظيفة الربط عند الانتقال من اللقطة القريبة إلى اللقطة الطويلة وبالعكس.

-تقوم بسرد القصة وذكر تفاصيل أكثر مما يساعد على خلق حب الفضول لمعرفة باقي القصة، كما يجعل المتلقي يشعر بتعاطف أكثر كلما توضحت ملامح الشخصيات عنده أكثر، وهنا تمكن أهمية وخطورة هذا النوع من اللقطات إذ هي تدفع بأحداث الفيلم إلى الأمام، فهي تقوم بدور تطوير أحداث القصة وتفصيلها ودفعها إلى الذروة.

-اللقطة المتوسطة لها جمالية خاصة إذ تتفرّد بكونها لها كادر يمكن أن يجذب بقوة المشاهد، هذا الكادر الذي يحتوي على مقدمة ووسط وخلفية تجبر المخرج على اختيار مفرداته وأشيائه التي ستظهر في الخلفية والمقدمة والوسط بعناية فائقة وأي خلل قد يلحظه المشاهد قد يسبب في إحداث تشويش وبلبلة في ذهنه.

2.2. 3- اللقطة العامة:

- تعريفها: وهي اللقطة التي تظهر للمشاهد أكبر قسم من المنظر وتستخدم كلقطات افتتاحية أو تأسيسية.

- وظائفها:تقوم اللقطة العامة بجملة من الوظائف أهمها:   

يمكن اعتبارها لقطة افتتاحية تجعل المشاهد متابع ومركز على العمل، فهي تشبه إلى حد ما التمهيد أو التوطئة لموضوع معين في مجال الأدب.

تساعد المشاهد على التعرف على المكان الذي تدور فيه الأحداث وبالتالي تخلق فيه رغبة الاستطلاع لمعرفة تفاصيل أكثر وخاصة تلك المتعلقة بالأمكنة التي تقع فيها الأحداث مثل الأعمال الدرامية التاريخية، حيث يصعب وضع المتفرج في جو القصة إلا باستعمال اللقطات البعيدة التي تعطي الفرصة للمخرج فرصة تصوير الأماكن الطبيعية القريبة والمشابهة لأماكن وقوع الأحداث أو يلجأ لبناء ديكورات ضخمة تساعد على وضع المشاهد في أجواء العمل الفني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة رقم 10

اللغة البصرية... زوايا التصوير

3- زوايا التصوير

تهدف اختيار زاوية تصوير معينة إلى إحداث تأثير مباشر على المشاهد وتشكيل موقفه النهائي من الشخصية أو الحدث وتؤثر بشكل أو بأخر على مواقفه واتجاهاته وتدفعه دفعا إلى اتخاذ موقف شخصي من أحداث القصة وشخصياتها المختلفة فهو قد يتعاطف أو يعادي وقد يحب ويبغض، وهذه كلها انفعالات يقصدها المخرج لجعل الجمهور يتفاعل مع العمل الفني.

يمكن عند تصوير شخصية رئيسية في عمل درامي بزاوية معينة أن تدفع المشاهد في الأخير إلى التقليل من شأنها أو الإحساس بقوتها وعظمتها، تعتمد عملية التصوير الناجحة على الإضاءة الجيدة وحسن اختيار زوايا التصوير إضافة إلى الكادر الذي توضع فيه المشاهد، وهذه كلها عوامل قوة العمل الدرامي الناجح الذي يتيح إمكانية خلق أجواء توحي بالغموض والترقب والإثارة والتوقع وهي مزيج مثالي لعملية التشويق.

كما أنها إضافة إلى كل هذا تعمل على كسر الرتابة والملل وتخلق ديناميكية وحيوية تجعل المشاهد يشعر بمتعة المشاهدة من أول العمل إلى آخره.

3. 1- تعريف زاوية التصوير: هي عبارة عن الخط الذي تنظر عبره الكاميرا اتجاه الموضوع الذي تقوم الكاميرا بالتصوير منه، وبالتالي فإن هذه الزاوية هي نفس الزاوية التي يرى منها المشاهد الأحداث، ويتحدد ارتفاع الكاميرا عادة على أساس ارتفاع الشخص العادي أو يكون مستوى اللقطة هو مستوى منسوب عين الشخص البالغ.

3. 2 - أنواع الزوايا:

3. 2. 1- زاوية وجهة النظر العادية: تعتبر أقل الأنواع تأثيرا حيث تعد ساكنة تماما في موقعها، ويتحدد مقدار ارتفاع الكاميرا في هذه الحالة إلى وجهة النظر، فإذا كانت اللقطة تحمل وجهة النظر الذاتية لشخص آخر في نفس المنظر يصبح في هذه الحالة ارتفاع آلة التصوير مماثلا لمنسوب عين ذلك الشخص وإذا كانت اللقطة تحمل وجهة النظر الموضوعية للمشاهدين وهم ينظرون إلى الممثل، ويصبح ارتفاع آلة التصوير مماثلا لمنسوب عين ذلك الممثل.

3. 2 . 2- الزاوية المرتفعة: عندما توضع آلة التصوير على رافعة أو مرتفع طبيعي من الأرض فهذا يؤدي إلى إحداث تأثير واضح على وضع الشخص الذي يتم تصويره، وتستخدم هذه الزاوية في الغالب لإعطاء المشاهد إحساسا بضعف الشخصية المصورة وهوانها وعدم أهميتها.

3. 2. 3 - الزاوية المنخفضة: ونحصل عليها عندما يتم وضع الكاميرا منخفضة بالنسبة إلى خط عين الشخص أو الشيء المراد تصويره، وبذلك يتجه نظر المشاهدين إلى أعلى الشخص أو الشيء، تستخدم هذه الزاوية لإبراز أهمية الشخص وقوته، وتظهره في موضع المسيطر على الموقف وتظهر الممثل في هذه الحالات أكثر طولا من المعتاد (طوله الحقيقي).

كما تجعل المشاهد يشعر بالارتباك وسرعة الحركة وخاصة في مشاهد العنف، ويمكن أن يعتمد عليها في خلق التشويق، وبواسطتها يتم خلق تأثير السيطرة دون شك، ويلجأ إليها أيضا للتعبير عن الرهبة أو الإثارة أو المبالغة في سرعة الحركة، وتستخدم للمبالغة في منظور الأجسام والمباني ولزيادة الواقع الدرامي وهي فعالة في خلق حالة جذب الانتباه والتركيز وإثارة الموضوعات.

3. 2. 4- الزاوية المائلة: وتنتج عند إمالة آلة التصوير مما يعطي شعور بأن صور الأشخاص والأشياء مائلة، وتؤدي إلى الإحساس بعدم الاستقرار والتوازن والتوتر وتكون مؤثرة جدا في مشاهد العنف والارتباك، وتعبر عن اللقطات الذاتية للإيحاء بعدم توازن أحد السكارى مثلا، أوعدم التوازن النفسي لإحدى الشخصيات.

3. 4- وظائف زوايا التصوير:للتصوير وظائف كثيرة متنوعة ومتعددة وغنية جدا بحيث يمكن للمخرج توظيف بالشكل الذي يريد من خلاله إيصال فكرته للمشاهد، ومن بينها ما يلي:

- وصف الأهمية الدرامية للشخصية.

- علاقتها بالآخرين في نفس اللقطة.

- الحالة الزمنية للشخصية وما تنوي فعله فورا.

- تعكس موقف المخرج تجاه موضوعه.

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرة رقم 11

اللغة البصرية... الصوت

4. الصوت:

تلعب الموسيقى التصويرية دورا جد هام في الأفلام باعتبارها مؤثر صوتي لزيادة البعد الدرامي للصورة إلى أن الموسيقى حسب المختصين في مجال السينما تحتل مركزا ضئيلا لأنها تعتبر موسيقى مصاحبة.

وعلى العموم تستخدم الموسيقى في الأفلام لسد الفراغ المعبر عنها، أو للتعبير عن حالة نفسية أو تأزم في الموقف الدرامي، وتميز داخل الفيلم بين نوعين من الموسيقى: روائية (موسيقى روائية، أي أعدت للفيلم خصيصا، وموسيقى خارج الإطار الروائي، أي أنها مقاطع موسيقية يكون مصدرها خارج القصة على الشاشة.

وإلى جانب الموسيقى يلعب الصوت الشبهي أو الضجيج دور كبير في إضفاء عنصر الواقعية والمصداقية على الحادث المصور، ورغم أهمية الضجيج إلا أن ماتز يرى أنه يجب تفادي الأصوات التي لا تساعد على فهم دلالات الصورة مثل صوت الخطوات.

يتكون الصوت في الأعمال الدرامية من اللغة اللفظية والمؤثرات الصوتية والموسيقى، والتي تندمج جميعا لتكون لنا شريط الصوت المرافق لشريط الصورة وبعد عملية المزج يتشكل لنا المشهد في صورته النهائية ، ومن الضروري أن تكون الأصوات متزامنة مع الصورة وأي خلل في هذا الأمر يؤدي إلى ضعف العمل وفشله، ومعنى التزامن أن تكون الأصوات صادرة في نفس اللحظة ومتوافقة بشكل كامل وتام مع الحركة.

4. 1أقسام الصوت: يحتوي شريط الصوت على ثلاثة عناصر وهي:

  أ- اللغة اللفظية: في شكل حوار بين الشخصيات المختلفة.

  ب- الموسيقى: وتنقسم إلى الموسيقى التصويرية وهي تلك المصاحبة للمشهد والحوار والحركة، وهي تساعد في إقناع الجمهور بالمعنى المطلوب، والموسيقى المصاحبة للكلمات التي قد تكون لحنا لكلمات أغنية أو تكون موسيقى لرقصة ما.

ويلاحظ أن الموسيقى التصويرية يمكن أن تكون مؤلفة أي يقوم متخصص في وضع موسيقى خاصة للعمل الدرامي المعين، وفي هذه الحالة يقوم المؤلف بقراءة السيناريو لأخذ فكرة حول موضوع المسلسل أو الفيلم، ثم بعدها يقوم بوضع الموسيقى حسب تطورات أحداث القصة، ومن مزايا الموسيقى المؤلفة أنه يمكن الإبداع فيها.

أما النوع الثاني فهي موسيقى منتقاة من أسطوانات مسجلة ومن مزايا هذا النوع أنها قليلة التكلفة وتوفر وقتا ثمينا، إضافة إلى النوعية الجيدة للتسجيل نظرا لتوفر استوديوهات التسجيل على معدات فنية عالية الجودة، أما سلبياتها فتتمثل في كون الكثير من المخرجين يعمدون إلى دمج الموسيقى الغربية في كثير من الأعمال الدرامية العربية وإيقاع موسيقاهم يختلف عن إيقاعنا المعتاد.

ج- المؤثرات الصوتية: هي الأصوات التي تمثل كل ما يحيط بنا في حياتنا اليومية من أصوات سيارات في الشوارع أو أبواب تغلق أو تليفونات ترن، وقد تكون أصوات حقيقية أو مسجلة، وتستخدم في خلفية العمل لإضفاء نوع من الواقعية على العمل وهي تزيد من جاذبيته ومصداقيته مثل إضافة صوت قطار، طائرة، محرك سيارة.... الخ، وأنواع المؤثرات الصوتية قد تكون:

- متزامنة: هي المؤثرات التي يجب أن تكون مطابقة في الحركة مع شريط الصوت فهي تضبط على شريط الفيلم فتطابقه مع الحركة ومن أمثلتها الطلق الناري، فتح الباب وغلقه، وصول سيارة، صوت أمواج البحر.

- غير متزامنة: هي المؤثرات التي يتم تسجيلها ويمكن الحصول عليها من أسطوانة أو شريط ولا يتطلب في تسجيلها تزامن ومن أمثلتها صوت عصافير، صوت ضوضاء، صوت رعد.

- مؤثرات الحياة: أصوات متزامنة في الأصل ولكنها في نفس الوقت يمكن ألا تتزامن وهي توضح في زمن تقريبي بالثانية، وتكون هذه الأصوات متطابقة إلى حد ما ولكنها ليس شرطا أن يتم التزامن كاملا، ويقوم بهذه المهمة شخص متخصص في عمل هذه الأصوات ومن أمثلتها صوت وقع الأقدام، صوت صعود السلالم ونزولها، صوت آلة التنظيف.

4. 2-  الاستخدامات الدرامية للصوت:

ويبقى الصوت المنطوق يحتفظ بأهمية في اللّغة السينمائية إذ ميز بارث بصورة أساسية بين وظيفيتين:

    - وظيفة الترسيخ: تقوم هذه الوظيفة بتوجيه المشاهد نحو مدلول معين، محدد، نوع معين من المعني الذي لا تستطيع الصورة أن تبلغه لوحدها، وهناك نوع من التعددية في المعاني للصورة، لذا يجب تحديدها عن طريق الكلمة اللّفظية، فتظهر وظيفة الترسيخ في الفيلم نادرة جدا ومخصصة للكلام غير متعلق بالحكي (القصة) أي مخصصة للتعليق الخارجي “off” بشرط أن لا يتحول إلى تعليق داخلي “in”.

 - وظيفة المناوبة: تقوم هذه الوظيفة على إعانة الصورة في إنتاج معنى مستوى أعلى من مستوى الخطاب المروي. في هذه الحالة الصورة والكلام في علاقة تكاملية (ترابطية) تسهم معا في إضافة دلالات ومعاني غير موجودة.

- الصوت له قدرة كبيرة على تغيير الإيقاع إضافة إلى إمكانية خلقه، فمثلا عند الاستماع إلى الضربات الموسيقية المتتابعة في مشاهد الترقب تجعل المشاهد المستمع يشعر بإحساس مختلف تماما عن الضربات الموسيقية في مشاهد الفرح أو الرقص.

- للصوت سلطان في تسليط تأثير عاطفي مباشر وقوي على المتلقي أيا كان جنسه أو عمره فهو يزيد الإحساس بالواقعية إضافة إلى أنه مفسر وموضح للصورة، كما يمكن أن يؤدي وظيفة الربط بين الصور المتتابعة.

- الصوت يساعد ويشارك في القصة وهذا دون أن يحتل ولو شيئا بسيطا على الشاشة، كما يساعد في الربط بين مختلف المشاهد عند عملية القطع.

- الصوت الحاد يمكن أن يثير أعصاب المستمع وخاصة في مشاهد التوقع، بينما الأصوات ذات الذبذبة الواطئة فغالبا ما تتم لتجسيد وقار المشهد وتوحي بالقلق والغموض.

- في الغالب تكون أصوات اللقطات البعيدة نائية وبعيدة، وأصوات اللقطات القريبة عالية وواضحة.كما انه في الغالب تكون أصوات اللقطات المرتفعة عالية، وأصوات اللقطات المنخفضة هادئة.

4. 3 -الاستخدامات الدرامية للموسيقى:

تستعمل اللغة السينمائية للتعبير عن دلالات معينة نذكر منها:

  - كعلاقة تكرار بين الموسيقى والعناصر الصوتية والبصرية، إذ تهدف الموسيقى لتصوير المحتوى من خلال نظام تعادل بين حالات نفسية معينة، نغم الكمان في مشاهد الحب، ونغم القرع بالنسبة للانقضاض.

- كعلاقة تناقض: تستعمل الموسيقى لتتناقض مع الصورة مثل موسيقى الأكورديون السارة في مشهد جنائزي.

ويذكر جين ميتري Jean Mittry أن الموسيقى إجمالا ليست تعليقا على الصورة لا تعكس التعبير اللّفظي لا تدعم إيقاعه، إلا في حالات استثنائية، وليست أيضا تقصد لذاتها أو تدل على نفسها.

وتستعمل الموسيقى في الفيلم للضغط بقوة على مؤثرات الصورة، فالنقطة التي يجب أن تجلب انتباهنا تتمثل في طبيعة الموسيقى ونوع العلاقة إلي تقيمها مع الصورة، لا شيء يكبر سريعا كالموسيقى. فالموسيقى يجب أن تكون في شريط الصوت موضوع اهتمام كبير من قبل السيناريست إلى جانب هاته العناصر الخمسة التي حددها كريستيان ماتز، والتي تشكل معا شريط الصورة وشريط الصوت، نضيف عنصرا آخر لا يقل أهمية عن المعايير البصرية والصوتية، إلا وهو عنصر: الصمت Silence Le ويعد أكثر العناصر تجاهلا ونسيانا من قبل الكثير من الباحثين والدارسين.

في البدايات الأولى لظهور السينما الصامتة كانت العروض المقدمة للجمهور في قاعات السينما مصحوبة دائما بالموسيقى، وهذا لتفادي الصمت الذي كان من الصعب على الجمهور استيعابه والصبر عليه، ومن جهة أخرى لإخفاء أو التغطية على الأصوات المزعجة التي تحدثها آلة العرض ، فقد كان الاستعمال الأول للموسيقى وظيفيا بالدرجة الأولى ولم تستعمل الموسيقى لأغراض جمالية إلا لاحقا.

وإذا كانت الموسيقى كوسط تعبيري يميل إلى التجريد، إذ من الصعب جدا الحديث عن مضمون معين ومحدد لمقطع موسيقى، فإنه في المقابل يمكننا الجزم بأن لها قدرة كبيرة في التأثير على المتلقي وجعله يشعر بالارتياح النفسي ومن ثم توقع استجابة معينة منه.

إن الموسيقى المتضمنة في شريط الصوت تندمج بالكامل مع تطورات أحداث القصة إلى درجة أنها تصبح جزءا لا يمكن الاستهانة به من القيمة التعبيرية العامة للصورة عمومًا، ولعل من أهم وظائف الموسيقى ما يلي:

- تستخدم الموسيقى لجعل المشاهد يعيش في الجو العام للقصة وخاصة فيما يتعلق بعالم الأحاسيس، المشاعر والعواطف، وهذا سواء تعلق الأمر بعالم الأحاسيس الخارجية المحيطة بالشخصية أو تلك المتعلقة بالعالم الداخلي الخاص بالنفس البشرية التي تقف الصورة عاجزة عن التعبير عنها.

- الموسيقى تكون وصفية مع الصورة أي أنها تزيد في الثراء الوصفي للصورة من خلال تعميقها الدرامي للمضمون الصوري من خلال استخدام الإيقاع، مثل مشهد حزين يرافقه موسيقى ذات إيقاع بطئ وحزين، فهناك من المخرجين من يختار بعناية الموسيقى المصاحبة للحوارات من أجل تقوية مضمون الحوار.

- الموسيقى توحي ببدأ أحداث القصة وتدفعها إلى الذروة ومن ثم الحل، كما تجعل  المستمع لها  يتأثر باللحن المرافق للصورة وخاصة ذلك المستعمل في الجنريك، فتجده يحفظ الموسيقى وإيقاعها وقد تبقى عالقة بذاكرته لسنوات طويلة ، وهذا كله يساعد على جعل المتلقي مرتبطا عاطفيا بهذا العمل الدرامي.

- يمكن للموسيقى التعبير عن التحول العاطفي السريع ضمن المشهد الواحد المتواصل أو تقوم بدور الساخر في المشهد، وتستخدم أيضا لإحداث التوقع خاصة عندما لا يستطيع الإطار الدرامي للمخرج تهيئة الجمهور لحدث ما.

- لا تزال الموسيقى وسيطا جيدا يستخدم لتعميق الصورة فهي تستخدم كنوع من المعادل الحرفي للصورة، فإذا ما تسللت إحدى الشخصيات من غرفة مثلا فكل خطوة لها نغمة موسيقية تؤكد ذلك في المشهد.

- تكسب الموسيقى معنى أكثر مادية عند مزجها بالأغاني كما تساعد على خلق الإيحاء  أو التأثير من خلال تصوير جو نفسي أو عاطفي أو الإشارة إلى حضارة بلد معين ومعالمها السياحية.

- إن الموسيقى عامل مساعد في التعبير عن المواقف وسير الأحداث كما تشترك في تقديم القصة، ورغم أن المشاهد نادرا ما يتذكرها بعد انتهاء الفيلم إلا أنه سيشعر حتما بغيابها لو شاهد المسلسل بدونها.

4. 4 -الاستخدامات الدرامية للمؤثرات الصوتية:

لا تقل أهمية الاستخدامات الدرامية للمؤثرات الصوتية عن الموسيقى واللغة المنطوقة وان كانت اقل استعملا ويمكن أن نجمل أهم هذه الاستخدامات في ما يلي:

- من أهم وظائف المؤثرات الصوتية هو المساعدة على خلق الجو العام للقصة كما تساعد في إيصال المعنى الكامن للمشهد الدرامي، وفي بعض الحالات تؤثر في لاوعي المشاهد رغم سيطرة الصورة المطلقة على الشاشة.

- الأصوات ذات الذبذبة العالية تؤدي إلى الإحساس بالتوتر، وقد تثير أعصابه، لهذا غالبا ما تستخدم في مشاهد التوقع وخاصة قبل الذروة، أما الأصوات ذات الذبذبة المنخفضة تؤدي إلى الإحساس بالقلق والغموض.

- يمكن أن تُثير المؤثرات الصوتية الرعب في بأعمال الدرامية القائمة على هذا الإحساس، فيمكن أن يكون صوت صرير الباب في غرفة مظلمة مخيفا أكثر من صورة شخص يتسلل منها.

- يميل الصوت إلى توسيع الصورة خارج نطاق حدود الإطار، ويمكن أن توحي الأصوات البعيدة بالابتعاد عن الواقع على المستويين الحرفي والرمزي.

- تساعد على ازدياد إحساس المتفرج بالمشهد وبما يدور فيه، فهي تقول لنا ما لا نراه، وتعطينا معلومات أكثر مما يمكن رؤيته، وتحدد المكان الذي تجرى فيه الأحداث.

- توجيه الاهتمام الذهني والعاطفي للجمهور تجاه حدث أو شخصية، وتساعد في عملية الانتقال بين الزمان والمكان في الأعمال الدرامية، كما تبرز تصوير الأحداث (صوت طلقات الرصاص - الزلزال – الأمطار - المعارك).

 

محاضرة رقم 12

اللغة البصرية... الديكور والملابس

5. الملابس والديكور:

1.5- الملابس: يستطيع كاتب السيناريو المتمرن أن يبرز الكثير من خواص الشخصية عن طريق ملابسها، فالملابس هامة للكشف عن خواص الشخصية، فقد ثبت أن الطريقة التي يرتدي بها الناس ملابسهم تدل على الكثير من صفاتهم.

والتفاصيل الجديرة بالملاحظة بالنسبة للملابس هي الثمن بالتقريب، اللون، تركيب الألوان، الذوق، عمر الملابس ونظافتها، ملائمتها للشخص وللمناسبة،كما ينبغي عند اختيار الملابس وهي مهمة مصمم الأزياء أن يراعي فيها آن تكون مناسبة للعصر الذي تجري فيه الأحداث، وهل هي ملابس للنهار آو للسهرة، آو للنادي، أو لشخص في حالة حداد أو فرح للكبار أو الصغار.

5. 2 - الديكور:

أ- تعريفه: هو أحد أدوات العمل التلفزيوني حيث يعبر عن شخصية البرنامج ويكمل رسالته ويعد جزءًا جاذبا عند رؤية الحلقات، كما يعتبر الشكل العام للمكان بعد تزويده بالعناصر المختلفة المكملة مثل الأثاث والإضاءة والإكسسوارات.

والديكور يمكن أن يحدد المكان والزمان والمستوى المادي والاجتماعي للشخصية، والكشف عن أبعادها من حيث الثقافة والذوق، وهو بذلك يساعد على إبراز النص.

يراعي عند التصميم الديكور القواعد مثل البساطة والجاذبية في الألوان اتساقها وتجنب المبالغة في بهرجتها والتصميم، والتعبير عن شخصية العمل الفني، كما يحبذ أن يكون سهل الفك والتركيب وحسن توزيع الإضاءة لإبراز جمالياته.

يتكون فريق عمل الديكور من مهندس ديكور مسؤول عن التحدث مع المخرج ويعاونه منفذ الديكور وعدد من العمال والفنيين مثل النجارين، الحدّادين، الكهربائيين، عمال الخدمات النقاشين.

يعد الديكور عنصرا دراميا هاما في بناء الفيلم، حيث يرى ليون بارزاك L. Barzacq  أن تطور ديكور الأفلام تزامن مع تطور جماليات وتقنيات السينما، إلى أن الديكور في الأصل ظهر في فن المسرح.

وقد ظهرت في أواخر العشرينيات موجة جديدة في تصميم الديكورات، سميت هذه الموجة بالسينما الحقيقية والتي تقوم على العودة إلى الطبيعة وإلى الديكورات الطبيعية، ويمكن اعتبار الديكور في معناه الواسع شخصية متخفية، ولكن دائمة الحضور، وهو يحتل في الفيلم المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد عنصر الممثلين.

ويعد روبير مولي ستيفنس من بين الباحثين الأوائل الذين درسوا بتعمق دور الديكور في السينما، وهو يرى أن الديكور بالرغم من واقعيته يلعب دورا جد مهم في عناصر الفيلم.

وتختلف الديكورات باختلاف مواضيع الأفلام من أفلام بوليسية، مغامرات، تحمل في طياتها الحزن والفرح، وبالتالي فإن الديكور يظهر جو السرد لأن كل لقطة تحمل دلالة معينة،لكن في نفس الوقت توجد ديكورات تملك في حد ذاتها درامية مثل الأماكن المنعزلة، الجزر الخالية.

بخصوص الديكور في الفيلم التاريخي فيتميز بخصوصية معينة لأنها تراعي الدقة في الوصف.

كما تساهم الإضاءة هي الأخرى في التعبير عن المواقف المختلفة للفيلم فهي بمثابة خليفة للصورة تعمل على إبراز مختلف عناصرها ويختلف توظيف الإضاءة حسب مجريات الفيلم وأحداثه حسب التصوير الداخلي أو الخارجي وبالتالي فإن وظيفة الإضاءة لا تقتصر على مجرد توفير النور المناسب لالتقاط الصورة، بل إن من وظيفتها أيضا تحديد الزمن الذي تجري فيه الأحداث(.

إن الديكور يجسد تصور المخرج حول الفيلم، ومن المعروف أن السيناريو يتكون من حوار يتم تجسيده بصريا عن طريق اللقطات والمشاهد المتحركة والحية، والتي ستفقد الكثير من معانيها بدون ديكور يلتزم بقصة العمل.

ويتم تكوين الديكور حسب ما يتطلبه السيناريو، وقد يستدعي الأمر فريق كبير من العمال بدا بأصحاب الحرف التقليدية وانتهاء بعباقرة الإعلام الآلي لخلق الديكورات الرقمية.

وللديكور بعدين:

بعد جمالي: ويتمثل في خلق عالم من الخيال انطلاقا من أشياء كثيرة، فهوله قدرات تعبيرية خاصة ومستقلة به.

بعد تقني: ويتمثل في كون جزء منه مهني يحتاج إلى خبرات عالية وتمكن جيد من مختلف التقنيات.

ب- الاستخدامات الدرامية للديكور: للديكور وظائف كثيرة لعل من أهمها:

- إعادة تشكيل أو بناء الواقع أي خلق الأجواء الخارجية: ينبغي للديكور أن يكون مترجما مقنعا للأحداث التي تدور حولها القصة، فهو يمثل الخلفية الداخلية لأحداث الفيلم، وإذا لم يكن أصليا ومقنعا فان الشخصيات التي تمثل مختلف الأدوار لن تتمكن من إقناع المشاهد، فهو مطالب أن يكون حقيقيا وعقلانيا حتى في أدق التفاصيل.

- يساعد على توفير الخلفية المناسبة لتطور الحبكة الدرامية، وهو يختلف من عمل لأخر ولا يبرز بشكل واضح وفعال إلا بإضافة عنصر أخر لا يقل أهمية وهو الإضاءة.

- يعطي أدوارا "للأشياء" تساعد في خلق الجو العام للفيلم، والأشياء يمكن أن تؤثر على الأشخاص (الممثلون).

ويمكن أن نمثل بتأثير الديكور على الأشخاص بمشهد فقير معدم أمام باب فيلا فخمة،            أو مشهد أم مفجوعة في لقطة أمام حادث مرور تعتقد أن السائق هو ابنها، أو زنزانة صغيرة انفرادية على المسجون، فهده الأشياء باب الفيلا والسيارة والزنزانة تترك أثرها على المتلقي وذلك طبعا مرورا بالممثل الذي يتقمص الشخصية.

إن انكسار الفقير أمام بيت الغني المترف وخوف الأم أمام حادث المرور ربما يحتاج إلى صفحات لشرحها، ولكن ديكور واحد يكفي لإيصال الفكرة للمتلقي، إن الديكور له قيمة درامية وقيمة سيكولوجية في نفس الوقت، فعندما نسمع صوت سكين في فيلم رعب فهذه قيمة درامية، وظهور شيء فجأة في مجال تصوير الكاميرا يحدث قيمة سيكولوجية.

إن الديكور يعني كل الأشياء الظاهرة في الفيلم أو المسلسل، والتي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، أي تقريبا كل شيء باستثناء الممثلين، وهي الأشياء التي تتطور من خلالها شخصيات العمل.

والديكور يتكون من جزأين الأول هو الديكور الذي نعني به الأزياء والأثاث والإكسسوارات والثاني هو الأثر الذي تحدثه الإضاءة على هذه الأشياء.