فلسفة العلوم السنة الثالثة تخصص فلسفة -الاستاذ علي هري
(ps3p)

لاكاتوس (إيمر) [1922-1974) LAkatos (Imre)  

1- نبذة عن "لاكاتوس": إيمر أو إمري، لاكاتوس أو لاكاتوش، فيلسوف علم إنغليزي من أصل هنغاري (مجري)، لقبه الأصلي "ليبزيتز". في 1944، قرر تغيير اسمه إلى "لاكاتوس"، الذي يعني الحداد أو صانع الأقفال، وهو تغيير أملته دواع أمنية. لقد أمضى سنوات الحرب في جامعة ديبرسين، ليتخرج منها بشهادة في الرياضة والفيزياء والفلسفة. في 1947، شارك في عملية الإصلاح الديمقراطي للتعليم العالي، من موقع منصبه كأمين عام لوزارة الثقافة والتربية. ثم أمضى جزءا من الموسم الجامعي 1948-1949 في "موسكو". وبمجرد عودته إلى "بودابست" أوائل 1950 تم اعتقاله بدعوى المراجعية. وفي 1953، أطلق سراحه، بعيد وفاة "ستالين" مباشرة.

   لقد ظل "لاكاتوس" نشطا سياسيا، وبعد أحداث نهاية 1956، خشي اعتقاله من جديد، ليقرر الالتحاق بفيينا، ومنها قصد "لندن". وفي1957، تم استقباله بالمدرسة الملكية لكمبردج من طرف "بريتويت"، ليتفرغ لإعداد رسالته في فلسفة الدكتوراه ph.d التي كان موضوعها (محاولة في منطق الكشف الرياضي). وعام 1961، ناقش رسالته وتحصل على شهادته للدكتوراه. ليعين بعد ذلك رسميا كأستاذ في مدرسة لندن للاقتصاد، بقسم الفلسفة والمنطق الذي كان ينشط حينذاك تحت إشراف "بوبر"، إلى غاية وفاته المفاجئة التي حدثت عام 1974. وعن طبيعة محاضراته، والجو الذي كان يسودها، كتب معاصره "إرنست جيلر": <<كان لاكاتوس يحاضر في موضوع صعب و مجرد ومليء بالتقنيات والفلسفة وتاريخ الرياضيات والعلم، ويقوم بذلك وفق طريقة تجعل الأمر مفهوما وساحرا ودراميا وفوق كل ذلك مسليا بشكل رائع حتى بالنسبة لغير المختصين>>.

   لقد نشر "لاكاتوس" كتابه (براهين وتفنيدات) سنة 1963-1964 في أربعة أجزاء في المجلة البريطانية لفلسفة العلم. كان هذا العمل يرتكز على فرضيات رسالة الدكتوراه التي قدمها وتمت كتابتها على شكل مناقشة بين أستاذ ومجموعة من الطلبىة. ويصف "ج.وورال" –وهو من معاصري "لاكاتوس" البحث بقوله: <<...بالإضافة إلى القيمة الفلسفية والتاريخية العظيمة فقد كان يتم تداوله بشكل غير مطبوع بأعداد كبيرة>>. رفض "لاكاتوس" نشر العمل ككتاب مفرد مستقل، لأنه كان بطبيعته ينفر من النشر الرسمي، علاوة على اعتزامه تطويره وتحسينه. وقد تم نشره على هيئة كتاب، بعد وفاة مؤلفه بعامين، وذلك عام 1976 من طرف "ج.وورال" و"إ.ج.زاهار" بعنوان (إيمر لاكاتوس، براهين وتفنيدات: منطق الكشف الرياضي).

   في عام 1965، أشرف بمعية ومساعدة زميله "آلان مسغراف" الذي كان تلميذا له، على تنظيم المؤتمر الدولي أو الندوة الدولية لفلسفة العلوم التي جرت فعالياتها بلندن، والتي تتوجت أعمالها في كتاب (النقدية ونمو المعرفة) الذي ضم مختلف الأوراق أو المداخلات التي تقدم بها المشاركون، والذي صدرت أول طبعاته سنة 1970. وفي 1969، خلف "لاكاتوس" أستاذه "بوبر" على كرسي المنطق والميثودولوجيا، بدائرة لندن للاقتصاد، بعد تقاعد هذا الأخير.

   لقد كتب "لاكاتوس" عددا من الأبحاث في فلسفة الرياضيات قبل أن ينتقل للبحث بشكل عام عن فلسفة العلم، واستخدم في الغالب دراسة حالات تاريخية لتوضيح أفكاره، كفرضياته في الدكتوراه. توفي "لاكاتوس" بشكل مباغت في زمن كان فيه في ذروة إنتاجه ونضجه، وكان لديه مشاريع عديدة، من بينها تعاونه مع واحد من أعز أصدقائه، وألذ خصومه –طبعا في السجال والحوار الفكري والجدل الفلسفي- ألا وهو "بول فيرابند"، الذي اقترح عليه في 1974 أن يعملا على إصدار مناقشاتهما المحتدمة في عمل مشترك، يبرز دفاع  الأول عن المنهج ومهاجمة الثاني له، وقد وافق "لاكاتوس" على الاقتراح. ولكن قبل الشروع في تنفيذه بقليل، وبعد أن أرسل "فيرابند" النسخة أو الجزء الذي يحوي وجهة نظره وحججه، يتفاجأ الرأي العام والفلاسفة والمثقفون عامة، بموت "لاكاتوس" في حادث مرور مروع، اهتز له "فيرابند"، ما جعله يأسف أشد الأسف، كما يتحدث عنه في كتابه (ضد المنهج) الصادر سنة 1975، وهو الجزء الخاص بفيرابند، والذي لم يكتمل في شقه أو جزئه الثاني، الذي كان سيضم ويبرز المطارحة اللاكاتوسية التي غابت بغياب صاحبها الذي اختطفته يد المنون ومن غير رجعة، الأمر الذي بقي يحز في نفسية "فيرابند" الذي كان يتوقع ردود فعل لاذعة ومحاججات قوية من قبل "لاكاتوس"، أو هكذا يذكر في صدر كتابه المشار إليه، والذي جعل منه تكريما لصديقه "لاكاتوس" في ذكرى وفاته الأولى، على ما يذكر.

   لم يترك "لاكاتوس" الكثير من المؤلفات، لأنه رحل في سن متقدمة بعض الشيء، إذ لم يعمر أكثر من 52 سنة. ومن أبرز أعماله:

- براهين ودحوض (تفنيدات): منطق الكشف العلمي- 1976

- التكذيب وميثودولوجيا برامج الأبحاث العلمية- 1978

- الرياضيات والعلم والابستمولوجيا- 1978   

كما له بضعة كتابات مشتركة، منها:

- إيمر لاكاتوس وآلان مسغراف، مشكلات في فلسفة العلم- 1968.

- إيمر لاكاتوس وإيلي زاهار، لماذا خلف برنامج كوبرنيكوس برنامج بطليموس؟- 1976