المحاضرة08/09 :بنية الجملة وأنماطها في النحو الوظيفي
يرى النحو الوظيفي أن بنية الجملة هي البنية الأساس، وأن بنية النص ليست إلا إسقاطا لبنية الجملة، ويرى سيمون ديك أن النحو الوظيفي لا يمكن أن يكون نحو جملة؛ وذلك نظرا لتوجهه الوظيفي التداولي، ومن هنا فهو نحو خطاب واصفا ومفسرا للملفوظ والمكتوب اللغويين([1])؛ فالنحو الوظيفي لا ينظر إلى الجملة إلا بوصفها مرحلة عملية أولية تسبق النص وتمهد له، وعلى هذا فقد أشار ديك إلى الانتقال بالنحو الوظيفي من نحو الجملة إلى نحو النص، ويقوم مشروع النحو الوظيفي النصي على مرتكزات أهمها:
النص كالجملة ينقسم إلى وحدات ووحداته عبارة عن قطع وقطع فرعية وفقرات، تقوم بين وحدات النص علاقات يحددها نمط النص فهي تناظر العلاقات القائمة بين وحدات الجملة وتقوم بالأدوار التي تقوم بها الحدود في الجملة.
أنواع الجمل في النحو الوظيفي:
الجمل في النحو الوظيفي نوعان؛ وذلك بحسب عدد الحمول التي تتضمنها وتحتويها.
الجملة البسيطة:
وهي الجمل التي تحمل حملا واحدا، وقد سبقت الإشارة إليها.
الجملة المركبة:
وهي الجملة المتضمنة لأكثر من حمل واحد([4])، وبحسب ترابط الحمول التي تتضمنها يمكن تقسيم الجمل المركبة إلى؛ جمل مستقلة، وجمل مدمجة.
أنماط الجمل في النحو الوظيفي:
الجمل المدمجة:
وهي التي يشكل فيها كل حمل حدا موضوعا أو لاحقا بالنظر إلى الحمل الرئيسي، مثل:
بلغني أنك مسافر.
يتمنى خالد أن يعود أخوه من السفر.
فالجملة الأولى تتضمن حملين؛ الحمل الأول (بلغني)، والحمل الثاني (أنك مسافر)، وكذلك الأمر مع الجملة الثانية حيث أن (يتمنى خالد) الحمل الأول، بينما (أن يعود أخوه من السفر) الحمل الثاني.
وعليه فإن الحمل الثاني من الجملتين أخذ مكان حد من الحدود، وبالتالي فهو يأخذ وظيفة من الوظائف الثلاثة المعروفة لدينا (دلالية، تركيبية، تداولية)؛ وعلى هذا يصبح لدينا في الجمل المدمجة حمل رئيسي، وحمل مدمج.
تنقسم الحمول المدمجة إلى حمول تشكل حدودا، وحمول تشكل أجزاء للحدود، مثل:
يتمنى خالد أن يعود أخوه من السفر.
قرأت الكتاب الذي أعرتني بالأمس.
فالحمل المدمج (أن يعود أخوه من السفر) يشكل حد المفعول بالنسبة للمحمول الرئيسي، والحمل المدمج (الذي أعرتني بالأمس) يشكل جزء من حد المفعول.
الحمول الحدود تنقسم بدورها إلى حمول موضوعات، وحمول لواحق، مثل:
تمنيتُ أن تنجح في امتحان.
غادرت المدينة قبل أن تغرب الشمسُ.
فالحمل المدمج (أن تنجح في الامتحان) حد موضوع بالنسبة للحمل الرئيسي، بينما الحمل المدمج (أن تغرب الشمسُ) حد لاحق بالنسبة للحمل الرئيسي([5]).
الجمل غير المدمجة (المستقلة):
وهي التي تتضمن حمولا لا تشكل حدودا بالنسبة للحمل الرئيسي، فهي مستقلة عن بعضها البعض([6]).
ويمثل هذا النوع من الجمل في النحو الوظيفي؛ الحمول الاعتراضية، والحمول المتعاطفة، المتضمنة لحمل مبتدأ، والمتضمنة لذيل، مثل:
قال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بني الإسلام على خمس...
قام عمر وأغلق باب الغرفة.
قال الله تعالى: وأن تصوموا خير لكم
قال الله تعالى: هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله...
الحمول الموصولية:
هي التي تشكل جزء من حدود أو حدا من حدود الحمل الرئيسي، وتنقسم إلى قسمين؛ مدمجة؛ وهي نمطان؛ حمول موصولية حرة، وحمول موصولية تقييدية، ومستقلة (غير مدمجة)؛ وهي حمول موصولية غير تقييدية([7]).
الحمول الموصولية الحرة:
هي التي تشكل حدا من حدود الحمل المدمجة فيه؛ وهي التي لا رأس لها (مركب اسمي)؛ فقد تكون فاعلا، أو مفعولا، كما في الجمل الآتية:
وقع الذي تمنيت أن يقع.
قابلت من كنت انتظر.
الحمول الموصولية التقييدية:
وهي الحمل الذي يكون مدمجا في الحمل الرئيسي ذات الرأس (المركب الاسمي)؛ فهي تشكل مقيِّدا داخل حد من حدود الجملة التي تتضمنها، مثل:
جاء الرجل الذي انتظرته.
ساءتني اللهجة التي خاطب بها زيد أباه.
الجملة الموصولية غير التقييدية:
وهي الحمل الذي يمتاز بالاستقلال بالنظر إلى الحمل الرئيسي؛ فهي تشكل فعلا خطابيا مستقلا، وبالتالي فهي غير خاضعة للقوة الإنجازية التي خضع لها الحمل الرئيسي([8])؛ فقد تكون جملة بدلية، أو ذيلا، مثل:
سُرَّ الطالب، الذي نجح في امتحان التخرج.
زرت محمدا، الذي نجح في الامتحان الأخير.
[1] ــ ينظر: الوظيفة بين الكلية والنمطية، أحمد المتوكل، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، المملكة المغربية، ط: 01، 1424هـ ــ 2003م، ص:97.
[2] ــ النواة في النص هي مجموع محمولات الجمل التي تكون النص.
[3] ــ النواة في الجملة هي محمول (فعل، اسم، صفة...).
[4] ــ المنحى الوظيفي في الفكر اللغوي العربي، ص: 104.
[5] ــ ينظر: اللسانيات الوظيفية...، ص: 235 ــ 236، والمنحى الوظيفي...، 104.
[6] ــ ينظر: اللسانيات الوظيفية...، ص: 235.
[7] ــ اللسانيات الوظيفية...، ص: 236.
[8] ــ ينظر: اللسانيات الوظيفية...، ص: 237، ونحو اللغة العربية الوظيفي...، ص: 332.