المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير
(3)

المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير PDAU

لقد عرفت الجزائر فكرة المخططات العمرانية منذ الاحتلال الفرنسي لاسيما في القانون 14 مارس 1914 الذي جاء بفكرة "المخطط التوجيهي العام" و المخطط التوجيهي للتعمير"، و ذلك كمحاولة من السلطات الفرنسية في تلك الفترة لجلب انتباه الجزائريين بأنها تسعى لحل كافة المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي يعاني منها الجزائريين خاصة في مجال السكن، و هذا ما تجلى بوضوح أكثر في مخطط قسنطينة .

  و بعد الاستقلال تم الاعتماد في مجال التعمير على نفس المخططات الموروثة عن الاستعمار، و بقيت سارية المفعول حتى سنة 1974، لتظهر بعد ذلك فكرة "المخطط العمراني الموجه" (PUD) و "المخطط العمراني المِقت" (PUP) .

1- الإطار القانوني للمخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير :


      لقد أقرّ المشرع الجزائري المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير في القانون 90-29 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المعدل و المتمم بموجب القانون 04-05 المؤرخ في 14 أوت 2004 المتضمن قانون التهيئة و التعمير و النصوص التطبيقية له، لاسيما المرسوم التنفيذي رقم 91-177 المؤرخ في 28 ماي 1991 الذي يحدد إجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و المصادقة عليه و محتوى الوثائق المتعلقة به المعدل و المتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05-317 المؤرخ في 10 سبتمبر 2005.

2- أهداف المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير :

 

إن الأهداف المتوخاة من إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير لا تقتصر على تحديد المناطق التى يمكن تعميرها حسب ما يقتضيه النسيج العمراني، بل يهدف أيضا على تحديد المناطق الواجب حمايتها و من أمثلة هذه المناطق:

1- الأراضي الفلاحية :

لقد اعتنى المشرع الجزائري بالأراضي الفلاحية نظرا للتزايد السكاني المستمر و تفشي ظاهرة على تلك الأراضي دون احترام المعايير و الشروط القانونية المحددة في هذا المجال .

2- حماية البيئة و الموارد الطبيعية:

لقد أكد المشرع الجزائري في العديد من القوانين بما فيها قانون التهيئة و التعمير على ضرورة حماية البيئة و كل بما تتضمنه من موارد طبيعية، لأن التنمية الوطنية تقتضي تحقيق التوازن الضروري بين متطلبات النمو الاقتصادي من جهة و متطلبات حماية البيئة و المحافظة على إطار معيشة السكان و لا يكون هذا إلا من خلال التطبيق الصارم "لمبدأ الترخيص المسبق" أو "مبدأ دراسة التأثير على البيئة" في كل عمل تعلق ب التهيئة و التعمير .

3- حماية المناطق ذات التراث الثقافي و التاريخي:

لقد تم التأكيد على هذه الحماية في قانون التهيئة و التعمير ذاته و النصوص التطبيقية له أو تلك النصوص القانونية المنظمة لهذا المجال، حيث منعت منعا باتا كل الأعمال المتعلقة بالبناء التي تقع في المناطق ذات التراث الثقافي و التاريخي كالحفرياتو الآثار التاريخية لاعتبارها جزء لا يتجزأ من الثورة الوطنية .

3- إجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير :

 

لا يمكن اعتماد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير إلا بعد إتباع مجموعة من الإجراءات حددها المرسوم التنفيذي رقم 91-177 المؤرخ في 28 ماي 1991 المحدد لإجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير، المعدل و المتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 05-317 المؤرخ في 10 سبتمبر 2005 و هي على النحو التالي:

1- إجراء مداولة من قبل المجلس الشعبي البلدي أو المجالس الشعبية البلدية المعنية :

يتم إقرار المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير بموجب مداولة من قبل المجلس الشعبي البلدي المعني، حيث تتضمن هذه المداولة النقاط التالية :
- التوجيهات التي تحدد الصورة الإجمالية للتهيئة أو مخطط التنمية بالنسبة إلى تراب البلدية المقصود.
- القائمة المحتملة للتجهيزات ذات الفائدة العمومية.

2- تبليغ المداولة :

يتم تبليغ المداولة إلى الوالي المختص إقليميا للمصادقة عليها التي تنشر لمدة شهر كامل بمقر المجلس الشعبي المعني أو المجالس الشعبية البلدية المعنية.

3- إصدار قرار إداري يحدد المحيط الذي سوف يدخل فيه المخطط :

تختلف الجهة المخولة لها صلاحية إصدار هذا القرار باختلاف الملف الكامل المتضمن كل الوثائق بما فيها المخططات التقنية التي تبين توسع المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و ذلك حسب كل الحالات التالية :
*- الوالي:  إذا كان الإقليم المعني بإنجاز المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير يمس ولاية واحدة.
*- الوزير المكلف بالتعمير مع الزير بالجماعات المحلية (وزير الداخلية): بموجب قرار وزاري مشترك إذا كان إنجاز المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير يمس أقاليم عدة بلديات لولايات مختلفة.
       إذا كان المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير المراد إعادده يشمل تراب بلديتين أو عدة بلديات، يمكن لرؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية إسناد مهمة إنجاز هذا المخطط إلى مؤسسة عمومية مشتركة بين البلديات، و هذا ما أكده أيضا القانون النتعلق بالبلدية.

4- إبلاغ بعض المؤسسات و الهيئات العمومية:

كي يتسنى للمؤسسات و الهيئات العمومية الإطلاع على القرار القاضي بإعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير من أجل المشاركة، يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي أو رؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية بإبلاغ كل من رؤساء الغرف التجارية، الغرفة الفلاحية، رؤساء المنظمات المهنية، رؤساء الجمعيات المحلية كتابيا يالقرار القاضي بإعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير.

     أكد قانون التعمير على ضرورة الاستشارة التوجيهية لكل الإدارات العمومية أو المصالح التابعة للدولة و المكلفة على مستوى الولاية بالتعمير، الفلاحة، التنظيم الاقتصادي، الري، النقل، الأشغال العمومية، المباني و المواقع الأثرية و الطبيعية، البريد و المواصلات و كل الهيئات و المصالح العمومية المكلفة على مستوى الولاية بتوزيع الطاقة، النقل، المياه . و لهؤلاء المرسل إليهم مهلة 15 يوما ابتداءا من تاريخ استلامهم الرسالة تعيين ممثليهم، و بعد انقضاء هذه المهلة يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بإصدار قرار إداري يبين فيه قائمة الإدارات العمومية و الهيئات و المصالح و الجمعيات التي طلب استشارتها بشأن مشروع المخطط و ينشر هذا القرار لمدة شهر بمقر المجلس الشعبي البلدي أو المجالس الشعبية البلدية المعنية و يبلغ للإدارات العمومية و الهيئات و المصالح العمومية و للجمعيات و المصالح التابعة للدولة على المستوى المحلي و تمنح لها مهلة 60 يوما لإداع ملاحظاتها و أرائها حول مشروع هذا المخطط و ذلك بطريقة صحيحة و مكتوبة و إذا لم تجب خلال هذه المهلة عدى رأيها بالموافقة.

5-قرار إجراء التحقيق العمومي:

يخضع مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير الى التحقيق العمومي و ذلك ابتداء من انقضاء مهلة 60 يوما، و يكون ذلك بموجب قرار إداري يتخذ من قبل رئيس المجاس الشعبي البلدي المعني أو رؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية لبيان ما يلي:
*- تحديد المكان أو الأماكن التي يمكن فيها إجراء الاستشارة
*- تعيين المفوض المحقق
*- تعيين تاريخ انطلاق مدة التحقيق و تاريخ انتهائه علما أن التحقيق يخضع لمدة 45 يوما
*- تحديد كيفبات إجراء التحقيق العمومي

     ينشر هذا القرار بمقر المجلس الشعبي البلدي المعني أو المجالس الشعبية المعنية طوال مدة هذا التحقيق العمومي و تبلغ نسخة منه للوالي المختص إقليميا.

    يتعين على رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يفتح سجلا خاصا مرقما من طرفه و موقعا من قبل المفوض المحقق يسجل فيه يوما بيوم الملاحظات و الاعتراضات المكتوبة المتعلقة بإعداد هذا المخطط، و بانقضاء مهلة 45 يوما يقفل محضر التحقيق بعد توقيعه من قبل المفوض المحقق، حيث يقوم هذا الأخير خلال مهلة 15 يوما الموالية بإعداد ملف كامل عن التحقيق و النتائج المتوصل إليها و يحوله مباشرة إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني أو المجالس الشعبية البلدية المعنية.

6- المصادقة النهائية على المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير:

يرسل المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير بعد تعديله عند الاقتضاء مصحوبا بملف كامل، سجل الاستقصاء و محضر قفل الاستقصاء و النتائج المتوصل إليها من قبل المفوض المحقق و ذلك بعد المصادقة عليه بمداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني أو المجالس الشعبية البلدية المعنية إلى الوالي المختص إقليميا الذي بدوره يجمع آراء المجلس الشعبي الولائي خلال مهلة 15 يوما الموالية لاستلامه الملف، و بعد هذه الآجال يعرض المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير للمصادقة النهائية و ذلك حسب الحالات التالية:
*- بقرار من قبل الوالي
*- بقرار و زاري مشترك بين الوزير المكلف بالتهيئة و التعمير و الوزير المكلف بالجماعات المحلية بعد استشارة الوالي المعني أو الولاة المعنيين
*- بمرسوم تنفيذي يصدر بعد استشارة الوالي المعني أو الولاة المعنيين و بناء على تقرير من الوزير المكلف بالتعمير .

        و بعد المصادقة على المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير يتم تبليغه إلى كل من:
*- الوزير المكلف بالتعمير
*- الوزير المكلف بالجماعات المحلية
*- مختلف المصالح الوزارية المعنية
*- مصالح الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية
*- الغرف التجارية
*- الغرف الفلاحية

4- محتوى المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير:

يتضمن المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير طبقا للنصوص القانونية التي تحدد إطاره القانوني على المكونات التالية:

1- تقرير توجيهي:

تحدد فيه التوجيهات العامة للسياسة العمرانية و ذلك بعد تقديم شرح للوضع الحالي و آفاق التنمية العمرانية و الوعاء العقاري الذي سوف يطبق في نطاقه، حيث يضبط فيه ما يلي:
*- تحليل الوضع القائم و الاحتمالات الرئيسية للتنمية بالنظر إلى التطور الاقتصادي و الديموغرافي و الاجتماعي و الثقافي للتراب المعني
*- قسم التهيئة المقترح بالنظر إلى التوجيهات في مجال التهيئة العمرانية و حماية الساحل و الحد من الأخطار الطبيعية و التكنولوجية.

2- تنظيم تضبط فيه القواعد العامة المطبقة على كل منطقة حسب تقسيم الأراضي و ذلك إلى مناطق يتم تعميرها حسب الأولوية على النحو التالي:

- القطاع المعمر:  يشمل هذا القطاع على كل الأراضي التي تشغلها بنايات متجمعة و كذا المساحات الفاصلة بين هذه البنايات، كالمساحات الخضراء و الحدائق و الغابات الحضرية.
- القطاع المبرمج للتعمير: يشمل على الأراضي المبرمجة للتعمير على الأمدين القصير و المتوسط في آفاق عشر سنوات مع مراعاة جدول الأولويات.
- قطاعات التعمير المستقبلية: يشمل الأراضي المخصصة للتعمير على المدى البعيد في آفاق 20 سنة و الاستثناءات المتعلقة بالتعمير غير المتوقع خلال 20 سنة، و يتعلق الأمر ب:
          - تجديد، تعويض و توسيع المباني المفيدة للاستعمال الفلاحي
         - البناءات و المنشآت اللازمة للتجهيزات الجماعية و إنجاز العمليات ذات المصلحة الوطنية
         - البناءات التي تبررها مصلحة البلدية و المرخص بها قانونيا من قبل الوالي بناء على طلب معلل من قبل رئيس المجلس
           الشعبي البلدي بعد رأي الوالي.
- القطاعات الغير قابلة للتعمير: تشمل الأراضي الغير قابلة للتعمير مع إمكانية وجود حقوق البناء شريطة أن تكون محددة بدقة و بنسب تتلاءم مع الاقتصاد العام لهذه المناطق .

3- تنظيم يحدد القواعد المطبقة بالنسبة لكل منطقة مشمولة بإعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و في هذا الصدد لابد ان يحدد هذا التنظيم ما يأتي:

- التخصيص الغالب للأراضي و طبيعة النشاطات الممنوعة أو الخاضعة إلى إجراءات خاصة لاسيما تلك المقررة في مخطط تهيئة الساحل .
- الكثافة العامة الناتجة عن معامل شغل الأراضي .
- الارتفاقات المطلوب الإبقاء عليها أو تعديلها أو إنشاؤها .
- المساحات الني تدخل فيها مخططات شغل الأراضي مع الحدود العمرانية القائمة و مساحات المناطق المطلوب حمايتها .
- تحديد مزاقع التجهيزات الكبرى و المنشآت الأساسية و الخدمات و الأعمال و نوعها .
- المناطق و الأراضي المعرضة للأخطار لاسيما التصدعات الزلزالية أو الإنزلاقات أو الانهيارات و الفياضانات.
- مساحة حماية المناطق و الأراضي المعرضة للأخطار التكنولوجية المتمثلة في المؤسسات و المنشآت الأساسية، لاسيما منها المنشآت الكيماوية و البتروكيماوية و قنوات نقل المحروقات و الغاز و الخطوط الناقلة للطاقة .
- المناطق الزلزالية و تصنيفها حسب درجة قابليتها لخطر الزلزال
- الأخطار الكبرى المبينة في المخطط العام للوقاية و المخططات الخاصة للتدخل.

4- وثائق بيانية :

المستندات البيانية أو المخططات و هي تجسيد تقني لما جاء في التنظيم، حيث تشمل بالخصوص على المخططات الآتية :
- مخطط الواقع القائم يبرز فيه الإطار المشيد حاليا و أهم الطرق و الشبطات المختلفة
- مخطط تهيئة يبين حدود ما يأتي:
* القطاعات المعمرة و القابلة للتعمير و المخصصة للتعمير في المستقبل و غير قابلة للتعمير
* بعض أجزاء الأرض، الساحل، الأراضي الفلاحية ذات الإمكانيات الزراعية المرتفعة أو الجيدة و الأراضي ذات
الصبغة الطبيعية الثقافية البارزة.
* مساحات تدخل مخططات شغل الأراضي
- مخطط الارتفاقات التي يحب الإبقاء عليها أو تعديلها أو إنشاؤها.
- مخطط تجهيز يبرز خطوط مرور الطرق و أهم سبل إيصال ماء الشرب و ماء التطهير و كذلك تحديد مواقع التجهيزات الجماعية و منشآت المنفعة العمومية.
- مخطط يحدد مساحات المناطق و الأراضي المعرضة للأخطار الطبيعية و التكنولوجية و المخططات الخاصة للتدخل و تحدد المناطق و الأراضي المعرضة للأخطار الطبيعية عن طريق الدراسات الخاصة بالزلزال و الدراسات الجيوتقنية أو الخاصة.

     تحدد مساحات حماية المؤسسات أو المنشآت القانونية و التنظيمية المعمول بها بتسجيل المناطق و الأراضي المعرضة للأخطار الطبيعية و التكنولوجية في المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير بناء على اقتراح من المصالح المكلفة بالتعمير المختصة إقليميا حسب نفس الأشكال لبتي أملت الموافقة على المخطط بالإضافة إلى هذه المكونات التي لابد أن يراعيها المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير .

- مراجعة و تعديل المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير :
تتم مراجعة المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير أو تعديله بنفس الطريقة و الإجراءات التي تمت بها المصادقة عليه، إذ لا يمكن إجراء هذه المراجعة أو التعديل إلاّ لأسباب معينة و هي كالتالي:
- إذا كانت القطاعات المراد تعميرها في طريق الإشباع
- إذا كان تطور الأوضاع أو المحيط لا يستجيب لأهداف مشاريع التهيئة أو البنية الحضرية لإقليم بلدية .

5- المناطق التي يتم التدخل عليها :

يقسم المخطط المنطقة التي يتعلق بها الى قطاعات محددة كما يلي :

_ القطاعات المعمرة .

_ القطاعات المبرمجة للتعمير .

_ قطاعات التعمير المستقبلية .

_ القطاعات الغير قابلة للتعمير .

وذلك حسب المادة 16 من القانون 90/29 المؤرخ في 01_12_1990 م .

 

6- التقنين:

_ يعطي التوجيهات الأساسية للأراضي .

_ الأراضي الفلاحية الواجب حمايتها .

_ مواقع التجهيزات الكبرى .

_ معاملات شغل الأرض .