النقد الاذاعي والتلفزيوني
(المحاضرة رقم 3)

المحاضرة الثالثة

سادسا: مستويات النقد التلفزيوني:

ونعني به تصنيف العمل الإعلامي إلى عناصر تتجه إليها جهود الناقد الإعلامي بهدف جعل الأعمال الإعلامية أكثر قوة ووضوحا، كما يمكن أن نعني بمستويات النقد بأنها مقاييس دالة على مدى جودة العمل الإعلامي سواء كان ذلك في الإذاعة أو التلفزيون أو غيرها من وسائل الإعلام وتتمثل مهمة الناقد الإعلامي في هذا المجال في نقده للبرامج أو الحصص الإذاعية والتلفزيونية أو العمل الدرامي.

   يظم المحتوى جملة من الأفكار الرئيسية والفرعية، الذاتية والموضوعية، كما يتضمن جملة من الحجج والبراهين التي استخدمها القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإعلامية ووضوح الأحكام ومناسبتها للسياق الذي وردت فيه، وكذا ملائمة الحجج والاستمالات الموظفة، كل ذلك من شأنه أن يفعل الرسالة الإعلامية في نفس القارئ ومهمة الكشف عن ذلك وتبيانه هي مهمة الناقد الإعلامي الذي يحتاج إلى جملة من المهارات لتوظيفها في الحكم على فعالية الرسائل الإعلامية.

ويمكن أن تقسم هذه المستويات إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: نقد المضمون:

المضمون عبارة عن أفكار، قيم، معلومات، اتجاهات، حجج، براهين، استمالات عاطفية وعقلية.

ومن هنا فان الناقد الإعلامي يحتاج إلى جملة من المهارات يعمل على توظيفها في الحكم على الرسالة الإعلامية، وتصنيف هذه المهارات إلى محورين:  

المحور الأول: فهم موضوع الرسائل الإعلامية:

   ينبغي على الناقد الإعلامي أن يتمتع بمجموعة من المهارات، ويمارسها بهدف الوصول إلى فهم موضوع الرسالة الإعلامية وتحديده وتتمثل هذه المهارات في تحديد الفكرة الرئيسية، تحديد الأفكار الفرعية، تحديد الحجج والبراهين المستخدمة، تحديد المعلومات التي لا تتصل بموضوع الرسالة الإعلامية، تحديد العبارات الغامضة.

 

 

1- مهارة تحديد الفكرة الرئيسية لموضوع المادة الإعلامية:

وهو ما يتيح للناقد الإعلامي أن يتعرف عما يتحدث عنه النص وما موضوعه الرئيسي سواء كان الفن الإعلامي مقالا أو خبرا أو تحقيقا صحفيا أو تلفزيونيا أو إذاعيا وتنقسم الفكرة الرئيسية للنص الإعلامي إلى نوعين:

- الفكرة الموضوعية الظاهرة: المصرح بها في النص والتي يعبر عنها الإعلامي بشكل مباشر ويصل الناقد الإعلامي إلى تحديدها بعد أن يطرح على نفسه سؤالا مفاده: ما هو موضوع المقال الإعلامي أو الخبر الصحفي أو التحقيق؟

- الفكرة المركزية الضمنية: للنص الإعلامي، وتكون غير مباشرة وغير مصرح بها، يصل الناقد الإعلامي إلى هذه الفكرة عن طريق السؤال: ما هو الموضوع الحقيقي للنص الإعلامي؟ إلى ماذا يشير لنا هذا المقال في الحقيقة؟

2 - مهارة تحديد الأفكار الفرعية: وذلك لأن الأفكار الفرعية تدعم الفكرة الرئيسية في فقرات النص الإعلامي أكثر مما تدعمها الأفكار الجزئية التي تؤدي إلى الحشو في النص، والذي من شأنه أن يشغل المتلقي دون أن تكون لها فائدة في إيصال المعنى العام.

3- مهارة تحديد للحجج والبراهين المؤيدة والمعارضة:

للمعاني الواردة في النص الإعلامي إذ أن المواضيع الإعلامية قابلة للمحاججة والمناقشة وهي تعتمد على وجهات نظر متباينة ومتقاربة أحيانا، وقدرة النص على إقناع المتلقي راجع إلى طبيعة ونوعية الحجج التي يتضمنها النص.

4- مهارة تحديد المعلومات الواردة والمتعلقة بالمادة الإعلامية:

وتميزها عن تلك المعلومات التي لا تتصل بالموضوع وهذه المهارة لا يتوفر عليها الناقد الإعلامي إلا إذا كان مطلعا على المواد الإعلامية التي تنشر يوميا، أسبوعيا، شهريا.

 

 

 

 5- مهارة تحديد العبارات الغامضة في الموضوع:

إذ من الأهمية بمكان أن يكون الناقد الإعلامي على اطلاع جيد بالمادة الإعلامية لمعرفة ما إذا كانت هناك عبارات مبهمة لا تقود إلى الفهم المباشر الذي يعول عليه كثيرا في تلقي المواد الإعلامية التي تخاطب جمهورا عريضا متباينا في أذواقه وقدراته العقلية والاستيعابية مما يقتضي عبارات واضحة.

المحور الثاني: تحليل الموضوع الإعلامي ونقده

يندرج ضمن هذا القسم مجموعة من المهارات والتي نوضحها كالآتي:

1- مهارة تحديد العلاقات الرابطة بين عناصر الموضوع الإعلامي:

عندما يقوم المقرر الصحفي بصياغة مادته الإعلامية فإنه قد يسهب إلى درجة الحشو الذي قد يصبح عائقا دون فهم المتلقي للرسالة الإعلامية مما يجعل تحديد العلاقة الكائنة بين أجزاء النص أمرا لازما ومهما للناقد الإعلامي بهدف تبسيط الرسالة للمتلقي من جهة، ومعرفة ما إذا كان الموضوع الإعلامي خاضعا للوحدة بين أجزائه فيكون عملا رفيع المستوى أم أن أمر الوحدة قد كان غائبا أو ضعيفا وهو ما من شأنه أن يقيّم للرفع من مستواه لاحقا.

2- مهارة اكتشاف أخطاء الاستدلال:

قد يتناول المخبرون الصحفيون في كتاباتهم الإعلامية بعض الموضوعات التي تشير إلى استدلالات وهي استدلالات غير ملائمة بالنظر إلى الأفكار والقيم التي سيقت في إطارها مما يؤدي إلى إنشاء نوع من المغالطات المنطقية، والتي تؤدي بالمتلقي إلى الانفلات من قراءة النص الإعلامي والاكتفاء بقراءة العناوين الرئيسية.

3-  مهارة التمييز بين المقدمات والنتائج:

   ويوجد بين المقدمات والنتائج ترابط منطقي، مثل قول بعضهم "من يزرع الشوك لا يجني العنب" وبعض هذه المقدمات مع نتائجها أمور بديهية لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء، غير أن بعضها الآخر يكتنفه نوع من التعقيد الذي يحتاج من الناقد الإعلامي إلى بذل جهد فكري للوقوف على النتائج وربطها بمقدماتها وهو ما يستدعي التأمل في المقدمات والتمييز بينها وبين النتائج.

ذلك لأن المقدمات السليمة تنقل المتلقي من المعلوم إلى المجهول والذي يقصد به النتائج وفق الترتيب الآتي: مقدمة أو مقدمات – نتيجة – علاقة منطقية تربط بين المقدمات بالنتيجة.

4-مهارة التمييز بين الحقيقة والرأي: تختلف الحقيقة عن الرأي في كونها شيء يمكن إثباته بالدليل العقلي مثلا أو هي مسلمة من المسلمات أو هي وصف للواقع، أما الرأي فهو وجهة نظر عن مشاعر أو أفكار قد يتفق عليها اثنان أو يختلفان.

 وعليه فإن التمييز بين الحقيقة والرأي يجعل الناقد الإعلامي أكثر موضوعية، وعليه أكثر انفتاحا وتيقظا فلا يتعامل مع وجهات النظر وكأنها حقائق بل آراء قد تثبت صحتها وقد لا تثبت.