نظريات النص المسرحي
من بدآهة القول في التفريق بين النظرية والتطبيق إن النظرية تشتغل على الموضوع بينما يوظف التطبيق الأدوات ويفعل التقنيات التي تجسد الموضوع .
والمسرح نص وعرض يتأسس كل منهما على نظرية . ولأن المسرح في نشأته قد تأسس على نظرية المحاكاة الأرسطوية للفعل ، و على نظرية المحاكاة الأفلاطونية الظلية للفكرة المثالية المطلقة - من وجهة أخرى - إلى أن تفرعت عن تلك النظرية نزعات ومدارس مسرحية مسايرة لتطور العصور الثقافية؛ لكل منها منهجها النظري وتقنياتها التطبيقية فاخرجت لنا الكلاسية والرومنتيكية والطبيعية والواقعية والتعبيرية والرمزية في اتجاه النظرية الأرسطوية في محاكاة الفعل بإيجابياته وسلبياته . وجاءت العبثية لمحاكاة الحالة ، وركز مسرح القسوة على محاكاة الفعل المكبوت . بينما ولى المسرح الفقير وجهه شطر نظرية المحاكاة الأفلاطونية ليخلع فكرة المقدس والمدنس على موضوع أداء الممثل لمحاكاة صورة لموضوع نقاء الحياة البدائية بمنهجية موضوع الحلولية الصوفية. على غبر ما ذهب إليه كريك من قصر المحاكاة على موضوع قداسة جمالية الصورة البصرية بالتباعد عن آليات الحوار الدرامي .
وإلى جانب تلك المدارس والمناهج الدائرة في فلك المحاكاة ؛ مع تباين مناهجها بين التنظيرات والتطبيقات انطلاقا من نطرية محاكاة الفعل أو من نظرية محاكاة الفكرة ؛ محاكاة ظلية تقديسية بظل الممثل أو بالصورة ؛ تفرعت نظرية التغريب الملحمي عن نظرية الاستلاب الهيجلي لتتخذ من الحكي بديلا عن المحاكاة ونقيضا لها منهجا لإعادة تصوير الفعل بوصفه صفة للطبقة الاجتماعية ؛ تبعا لطبيعة الاختلاف الجوهري بين مثالية المنبع الفلسفي لنظرية المحاكاة والمنبع الديالكتيكي النادي لنظرية الاستلاب : ( التغريب).
مقال حول مفهوم النظرية :
النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.
- نظرية المثل عند أفلاطون .
- نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني .
- نظرية العامل في مجال اللغة .
- نظرية اللاوعي الذاتي أو الجمعي في علم النفس.
- نظرية الاستلاب عند هيجل.
- نظرية الصراع الطبقي عند ماركس.
- نظرية الخيال عند كولردج .
- نظرية التغريب عند بريخت.
تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة ( طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة) أو مجارة لها.
وحول التوافق مع نظرية محاكاة الفعل ؛ يقول المخرج المسرحي جاك كوبو " لا وجود لتجديد دائم منفصل عن التقليد المستمر أو المسترجع" لذا تركز الموضوع المسرحي في نظره في المعمار والشاعر ؛ خدمة للممثل ؛ وهي نظرة على مسافة قريبة من نظرة راينهارت لموضوع المسرح حيث التركيز على السينوجراف لتهيئة أجواء التمثيل . فمعمار العرض يستدعي موضوع النص عند كوبو ليخدما معا موضوع التمثيل ؛ بينما يستدعي موضوع اندماج الممثل الموضوع السينوغرافي عند راينهارت .
( مقتبس في د. حسن المنيعي ، الجسد في المسرح - إعداد وترجمة ، مكناس المملكة المغربية ،ط: سندي ، 1996 ، ص 76)
وفي مناصرة نظرية محاكاة الفكرة المطبقة يقول جريك " الطبيعة والفن شيئان مغايران يجب ألا نخلط بينهما " ولتأكيد ذلك عنده يستشهد فيقول" لقد كان الممثل نفسه في الماضي يخفي شخصه وكذا هويته الشخصية عبر قناع أو لباس " نقابيا " خطوات الطبيعة التي يظل الخالق فيها خفيا على الدوام " من هنا أكد كريح على وظيفة الخلق لدى الممثل والمؤلف وعارض الدمى .
ويقترب من ذلك .. تلك الشكوك التي نثر بذرتها آرتو على هيئة تساؤلات استنكارية ، حيث قال : " من قال إن المسرح خلق لتحليل شخصية ، لحل صراعات الحب والواجب، للمصارعة مع كل المشاكل التي لها طبيعة موضوعية وسيكلوجية ، والتي تحتكر مسرحنا المعاصر ؟ من ثم قال ان هدفه هو خدمة الأدب ، ونسخه الواقع ، وحل الصراعات الاجتماعية والسيكلوجية ، والقيام بدور ميدان المعركة للعواطف الإخلاقية ... ؟ "
( مقتبس في المنيعي ، نفسه ، ص ص506-507)
إن تلك التساؤلات ونظائرها في كتابات المبدعين التنظيرية تمهيدا آو تذييلا لمنتجهم الإبداعي هي مجرد تساؤلات قلقة يمكن أن تتخذ ركيزة أو عتبة لكتابة تنظيرية تمهد لتأسيس نظرى حول المسرح بوصفه موضوعا يراد وضع نظرية له . ومثل ذلك أيضاً قول جان لوي بارو ، في مجاراته لتيارات آرتو الاستنكارية لمسرح الكلمة ؛ فهو يتوافق مع آرتو في أنه من الممكن أن يكون هدف المسرح هو إعادة تأكيد جوانب من العالم الداخلي . أي جوانب من الإنسان، على اعتبار أنه ميتافيزيقي. ومن حين لآخر قد يجرؤ المسرح - ليس جماهيريا - على استكشاف واقع بدائي أصلي وخطر، واقع تكون
مبادره مثل الدرافيل ؛ بمجرد أن تظهر رؤسها تسرع بالغطس ثانية في ظلمة الأعماق."
( نفسه ، ص 5.7 )
وقصد جان لوي بارو هو أن موضوع المحاكاة موضوع يقوم على المراوغة والذئبقية .
النظرية إذن وعاء ضبط محاكاة الموضوع في مسيرة تطوراته ؛ حفاظا على ماهية وجوده على ما هو عليه في الطبيعة أو ماهية وجوده المجاري للطبيعة ، ضمانا لديمومه نوعه، علي الكيفية التي هو عليها، وتمكين المشتغلين به من القياس عليه عند الحاجة .
ولأن موضوع المحاكاة بذلك يتجه في مسارين مختلفين من حيث الماهية ؛ لذا يكون من المنطق اختصاص كل من المحاكاة الطبيعية للفعل( الصفة الذاتية ) أو للفكرة المثالية المطلقة ( الموضوع) والمحاكاة المجارية، آو المغايرة لها(الصفة الاجتماعية الطبقية) بنظرية خاصة بكل منها، تحفظ لكل منها ماهيتها وأهدافها ونوعها. لذا ركزت المحاكاة الأرسطوية على موضوع فعل الذات وماهيته مستهدفة تطهير النفس البشرية بينما نظرت المحاكاة الأفلاطونية شطر الفكرة المثالية، مستهدفة تطهير الفكرة بصون قداستها من تدنيس اشتغال الانسان عليها؛ باعتبار كل من المحاكاتين صادرا عن نبع فلسفي واحد مفسر للكون ، هو نبع الفلسفة المثالية ، بينما اشتغل التغريب الملحمي على موضوع الحكي إعادة لتصوير صفة الفعل الاجتماعي من الوجهة الطبقية ؛ مستهدفا الحض على تغيير سلبيات العادة في رسوبيات ثقافتها، باعتبار منبعها الفلسفي المادي الذي ينظر الي الأفعال والصفات في حالة حركة جدلية دائمة ، قابلة للتغيير في ظل الظرف المتغير 0
ولما كانت النظرية مشتغلة بالموضوع ؛ فنخلص مما تقدم الى انه لما كان اشتغال نظرية المحاكاة مقصورا على موضوع فعل الذات الدرامية عند أرسطو ، وعلى موضوع قداسة الفكرة المطلقة عند أفلاطون ؛ فإن اشتغال مفهوم التغريب الملحمي عند بريخت على إعادة تصوير موضوع الصفة الاجتماعية للطبقة ، تبعا للانتماء من منظور احتمالي يساعد المتلقي على التزام موقف طبقي نقدي من الموضوع المعاد تصويره
من هذا المنطلق يعد القول بعدم وجود نظرية للمسرح الملحمي البريختي مجافيا للمنطق ، ونافيا لمنهجية التحقق العلمي عند من قال به .
ولنر بريخت ؛ ماذا يقول : " لقد أصبح المسرح حقل نشاط للفلاسفة ، أولئك الذين يسعون ليس فقط لتوضيح العالم ؛ بل إلى تغييره أيضاً " ويقول: " ليس هناك تقاليد بين المعدمين ، هناك فحسب الفعل ونقيضه بكلمة واحدة ؛ يوجد هناك ردود الفعل" هو اختلاف إذن بين فلسفتين فلسفة مثالية انبنت عليها نظرية المحاكاة التي تشتغل على موضوع المحاكاة وأخرى مادية انبنت عليها نظرية التغريب الذي يشتغل على حكي ينفي وجود تقاليد لدى الغالبية المعدمة؛ ومن ثم يحض على تغييرها لا مجرد محاكاة تؤديي إلى تثبيتها اكتفاء بتفسيرها عن طريق محاكاتها.للفعل عند أرسطو ومن ساروا على دربه أو محاكاة للفكرة المثالية المطلقة عند أفلاطون وأصحاب فكرة التقديس والتدنيس ( كربج - جرتوفسكي والمنبهرين بهما) الفرق جوهري إذن بين منطق الحركة والتغيير ومنطق الثبات اكتفاء بمحاكاة الموجود .
الموضوع المسرحي كلاسيكيا:
لم يخرج الموضوع في المسرحية الكلاسية عن نظرية المحاكاة . فمع آن نظرة الكلاسيكيين للإبداع تمحورت حول مقولة إن الإبداع عمل وصناعة؛ ليس معرفة ولا هو بالحدس أو الإحساس ؛ فلذلك كله نصيب ضئيل من الإبداع نفسه . ومعنى القول : إن الإبداع عمل وصناعة هو أن الموضوع في الكلاسيكية هو نواة العمل الكلاسيكي الذي تنبني عليه صنعة الإبداع ومن ثم يصبح اختيار الفنان لموضوع عمله الأدبي أو الفني بداية لعملية الإبداع ذاتها، دون أن يكون الموضوع محل اختياره إبداعا في ذاته ؛ قبل دخوله في إهاب الشكل الفني . وهذا يحيل إلى ما قال به الناقد العربي القديم ( القاضي عبد العزيز الجرجاني) صاحب (الوساطة بين المتنبي وخصومه) حول الإبداع السعري إذ هو عنده " ذوق ودربة " ويحيل إلى ما قاله الاردايس نيكول حول المسرح كذلك ، فالإبداع عنده. " قوة اختيار وطاقة إخبار" وقريب - إلى دحد ما - مما قاله جون ديوى تأكيدا لذلك الرأي ، في مؤلفه : " الفن خبرة "
فالمحاكاة إذا في المسرح الأرسطوي تتقصد التأثير الدرامي عن طريق المتعة الجمالية بوصفهما موضوعين من نتاج المحاكاة .
ومع أن نظرية التغريب الملحمي تتوجه نحو الموضوع أيضاً إلا أن وجهتها حكي واصف لفعل الطبقة محمولا على ممثل يعيد الصفة الطبقية التي تنتمي إليها الشخصية التي يعاد تصويرها للصفة الاجتماعية بانتمائها الطبقي على نقيض محاكاة الشخصية الدرامية لفعل ذاتها وفق مهارة رسمها الاندماجي الايهامي في النص وتجسيد الممثل لذلك دراميا وجماليا .
وهذا ما يؤكده أرسطو نفسه حيث يرى أن ( المتعة الجمالية تنبع أساسا من ذلك الباعث الطبيعي والفطري الذي يدفع الإنسان للمحاكاة )
نخلص مما تقدم إلى آن المحاكاة تستدعي موضوع الإبداع وليس العكس ؛ في حين يتمثل الإبداع في الأسلوب - مع تباين وجهات نظر قديم النقد العربي عن حديثه ؛ إذ يرى القدماء أن ما قبل الإبداع من ( تجربة غامضة أو حالة شعرية وإسقاط وجداني ) ليس علة في ذاته لوجود العمل الفني . ؛ بينما يذهب النقد الحديث إلى أن ما قبل الإبداع من. ( تجربة غامضة أو حالة شعرية وإسقاط وجداني ) هو سبب في ذاته لوجود العمل الأدبي والفني . وهذا ما قالت به نظرية التعبير من منطلق نفسي فرويدي، تبلور عند
سانا بيف.. حيث امتطاء لاوعي الذات الطفولية لجهد الأديب والفنان بما يتكشف في منتجه الإبداعي.
وكذلك كانت التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية الثقافية والحضارية موضوعا مشتبكا مع ذات المبدع بوصفهما شرطين حتميين في عملية الحض غير الملموس على التحول و تغيير الواقع سببا للإبداع وفق النظرية الانعكاسية : ( الماركسية ) بمعنى أن الموضوع هو الذي يستدعي المحاكاة .
الموضوع المسرحي ملحميا:
يشتغل على إعادة تصوير الموضوع بسلبياته وإيجابياته من منظور حدثي غير تقليدي يتيح للمتلقي اكتشاف دلالات جديدة متعددة للموضوع نفسه ؟؛ سواء آكان موضوعا مستعادا من موقف تاريخي أو تراثي حيث يفرغه من مضمونه القديم ويضع له مضمونا حدثيا ؛ مضمونا لا يتوحد مع المضمون القديم للموضوع المشتغل عليه . باعتبار المضمون التاريخي أو التراثي للموضوع المعاد طرحه على مائدة العصر يعاد النظر فيه بعين العصر وبذلك يخرج عن حالة الجمود والثبات ليعاد الحكم على صلاحية استمرار تأثيره من عدمها. فالموضوع في نظرية التغريب منشغل بمقاومة الدافع العاطفي حيث يعكس الروح العلمية التحليلية للعصر . ونخلص مما تقدم إلى أن اشتغال نظرية التغريب الملحمي على الموضوع الدرامي باعتباره موضوعا قارئا لصفة اجتماعية لجدلية للعالم من منظور طبقي ؛ وهو بذلك مفارق لنظرية المحاكاة باعتبار اشتغالهاعلى موضوع مقروء : يستعاد فيه موضوع مناظر لموضوع قائم من خلال المحاكاة التي يتوحد فيها الموضوع المحاكي مع الموضوع الأصلي.
موضوع الإبداع بين المحاكاة والحكي:
مما سبق يمكننا ملاحظة وجه اختلاف جوهري بين
موضوع المحاكاة وموضوع الحكي حيث يتوحد الموضوع المحاكي مع الأصل الذي يحاكيه من خلال الإيهام والاندماج ، بينما يتباعد الموضوع المحكي عن الأصل الذي يعيد تصويره بعين الدهشة.
ومع أن موضوع المحاكاة اندماجي إيهامي ، وموضوع الحكي تعريبي إدراكي؛ إلا أن كليهما باعتبار كل منهما عمودا مسرحيا فقريا يعتمدان على النص المسرحي لجدل الموضوع في كتابة النص هنا أو هناك قائم بين استدعاء موضوع وجودي حاضر لموضوع وجودي غائب ؛ سواء أكان الاستدعاء ببعثه حيا من الذاكرة التخيلية والانفعالية ، أم كان بإعادة
تصوير ذلك الموضوع بعدسة المعاصرة .
وسواء بعث الموضوع إبداعا تجسبديا مسرحيا حيا أم من خلال تشخيص معاد تصويره فإن نصا مسرحيا دون اندهاش لا يساوي شيئا . إذ لابد من نبذة من الجنون تكمن في نص . أو نبذة من جنون تكمن في بعض النصوص ؛ وإلا افتقد موضوع الإبداع في ذلك النص. فالمحاكاة الإيهامية ، لابد أن يبني النص الدرامي من دقائق متماسكة. حتى يؤثر دراميا وجماليا تأثيرا قائما على الضرورة والحتمية. و الحكي التغريبي في النص المسرحي التغريبي لابد أن ينبني النص من رقائق ملتحمة منفصلة في آن حتى ينتج تأثيره الدرامي والجمالي موقفا من العصر قائما على الاحتمال لا الضرورة .
وفي كلا الحالين ( محاكاة - حكي تعريبي) يتأسس النص المسرحي على زوابع الخيال ؛ حتي يصبح إبداعا حقيقيا. وفي كلا الحالين فالنص المسرحي بوطيقي سواء كتب شعرا أو نثرا . وليس هناك شئ خارج النص ؛ حتى وإن اعتمد النص المسرحي على تجربة وجدانية او شعرية سابقة على إبداعه؛ يجب إلا نشعر بشئ من خارجه ؛ فكل ما هو خارج النص يقضي علي النص ؛ فالإبداع يتمثل في أن كل ما ماهو داخل النص هو النص ذاته .
والنص المسرحي القارئ والمقروء لكي يخلد يجب أن يكون ملعبه المستقبل .- كما يقول رجل المسرح التونسي : عز الدين المدني- حيث خلود النص في جنوحه نحو إظهار اللاشعور ، جنوحه إلى النمط ، إلى النموذج ؛ لأن النموذج من صنع الفكر.
والنص المسرحي في المحاكاة وفي التغريب هو شبكات ، أجهزة ، أنظمه ، هو هياكل ، قنوات ؛ لكن مادته من ذاته ، ففي أي اتجاه هو كائن كلاسيكيا ، رومنتيكية، طبيعيا ، واقعيا ، أو عبثيا أو ملحميا فإن مادته هو ذاته ؛ وما اختلف إلا تشكيلها؛ خدمة للأثر الدرامي والجمالي المقصود سواء أكان إيهاميا أم إدهاشا إدراكية