محاضرة 5: نظرية التلقي
أولا:مفهوم التلقي:
يقال في العربية: تلقاه ،أي استقبله والتلقي هو الاستقبال نفسه، ، فلان تلقى فلان أي استقبله حيث حكى ذلك الأزهري فيما حكاه. ومنه قوله تعالى:"فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه"( ويعني مصطلح ( reception) في اللغة الانجليزية الاستقبال أو التلقي ويقال: (receptionist) ليقصد بها متلقية تستقبل الوافدين في مكتب أو مؤسسة أو فندق.كما يقال: ( receptive) ليقصد بها المتلقي أو المستقبل .
يعني التلقي بمفهومه الجمالي "عملية ذات وجهين ,إذ تشمل في آن واحد الأثر الذي ينتجه العمل الفني وطريقة تلقيه من قبل القارئ ,و يمكن للقارئ يستجيب للعمل بعدة أشكال مختلفة ’ فقد يستهلكه أو ينقده ,و قد يعجب به ,أو يرفضه و قد يتمتع بشكله و يؤول مضمونه ,ويتبنى تأويلا مكرسا أو يحاول تقديم تأويل جديد ،وقد يمكنه أخيرا أن يستجيب للعمل بأن ينتج بنفسه عملا جديدا ".
وعموما فمفهوم نظرية الاستقبال السياسي والفكري قد ارتبط بالصراع الدائر بين ألمانيا الغربية والنظام الماركسي حيث كانت "المعسكرات الماركسية وخاصة في ألمانيا الشرقية من أشد المعارضين لهذه النظرية بل وجهوا إليه كثيرا من المطاعن والمآخذ في حوار طويل ،ومناقشات حادة بين رواد المدرستين الشرقية والغربية ،حتى اتهم كل فريق صاحبه بالخطأ في تصوره لعملية التلقي .فرواد نظرية الاستقبال يلقون على الماركسية تبعة الأزمة التي حدثت في الأدب بعامة ،وفي انحراف القارئ فكريا في تعامله مع النص بصفة خاصة .ونقاد ألمانيا الشرقية يصفون نظرية الاستقبال بأنها محاولة برجوازية تدل على إفلاس روادها في إيجاد البدائل للمعالجة الماركسية، فالنظرية بهذا المفهوم السياسي تمثل صراعا بين نظام ديمقراطي يتمتع فيه النشاط الفردي –على اختلاف أنواعه- بحرية مصونة من جبرية الطبقة، ونظام شيوعي يتحدد فيه نشاط الفرد طبقا لجبروت الطبقة أو سياسة الحزب".
فكانت نظرية التلقي كرد احتجاجي على التيار الماركسي الذي يستمدّ معاييره الجمالية من الأطروحات الحزبية والنقابية والنضالية باعتبار المؤلف هو الوحيد المالك للحقيقة المطلقة ، وما على المتلقي إلا النهل منه والتأثر به باعتباره ذاتا سلبية . فأصبح القارئ من منظور نظرية التلقي ليس " مجرّد متلق سلبي أو مستهلك خاضع لسلطة النص، و إنّما هو خالق النص، وبهذا تصبح القراءة عملية إنتاجية، لا عملية تلقّ دون فعل (...) إنّ القراءة خلّصت النص من أسطورة المعنى الواحد التي كانت السلطة السياسية آنذاك تؤكّدها بخلاف اليوم حيث تصدّعت مركزية السلطة، وأفسح المجال أمام الديمقراطيات التي جاءت بحوار والأفراد وبالرأي الآخر".
ثانيا: مرجعيات نظرية التلقي :
من عادة المنظرين في ميادين العلوم الإنسانية ألا يأتوا بجديد ما لم يتولد من رحم النظريات السابقة أو المعاصرة لزمنهم أولم يتأثر بها على اعتبار أن "معظم المذاهب النقدية تنهض في أصلها على خلفيات فلسفية، على حين أنا لا نكاد نظفر بمذهب نقدي واحد يقوم على أصل نفسه، وينطلق من صميم ذاته الأدبية، وما ذلك إلا لأن الأدب ليس معرفة علمية مؤسسة تنهض على المنطق الصارم والبرهنة العلمية، ولكنه معرفة أدبية جمالية أساسها الخيال والإنشاء ، قبل أي شيء آخر". وهذا ما حدا بالباحث روبرت هوليب في كتابه:" نظرية التلقي" إلى حصر مرجعيات نظرية القراءة والتلقي في خمسة مؤثرات هي على التوالي:
- 1الشكلانية الروسية .
- 2بنيوية براغ .
- 3ظواهرية رومان إنجاردان.
- 4هيرمينوطيقا هانز جادامير.
- 5سوسيولوجيا الأدب.
ثالثا: مصطلحات وآليات نظرية التلقي.
1. أفق التوقعات ( أو أفق الانتظار).
2. المسافة الجمالية .
3. المتعة الجمالية .
4. الفجوات أو مواقع اللاتحديد . .
5. القارئ الضمني.
6. وجهة النظر الجوالة أونقطة الرؤية المتحركة.
7. الاستراتيجيات النصية .