نظرية النظم
(نظرية النظم)

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

                     وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

                      جامعة عباس لغرور خنشلة

                         كلية الآداب واللغات

                        قسم اللغة العربية وآدابها

دروس في مادة نظرية النظم

                      تخصص لسانيات  

                               

إعداد : أ. د / لزهر مساعدية .

                    

                 السنة الجامعية  2021/2022.                     

    

     بسم الله الرحمان الرحيم

 

 

 

مفردات المادة

المادّة: نظرية النظم

السداسي الخامس 

المعامل: 1

الرصيد: 1

1

1-                فكرة النظم في مباحث النقاد قبل الإمام الجرجاني

2

فكرة النظم لدى بعض اللغويين.

3

فكرة النظم لدى المتكلِّمين وأصحاب الإعجاز قبل الإمام عبد القاهر الجرجاني

4

2-                نظرية النظم عند الإمام عبد القاهر الجرجاني: مفهومها، أسسها  و منطلقاتها.

5

3-                النظم و توخِّي معاني النحو

6

4-                النظم و علاقته بعلم المعاني

7

5-                النظم و علاقته بعلم البيان

8

قيمة الذوق في نظرية النظم

9

النظم و الأسلوب

10

6-                تطبيقات من النظم ( نماذج من الشواهد الشعرية التي ساقها الجرجاني مع الشرح والتعليق

11

7-                أثر نظرية النظم في الدرس الإعجازي بعد الجرجاني

12

تأثير نظرية النظم في الفكر النقدي العربي الحديث

13

التقاطع المعرفي بين نظرية النظم و النظريات اللغوية الحديثة

14

8-                فكرة النظم في مباحث النقاد قبل الإمام الجرجاني

طريقة التقييم:          

       يكون تقييم الأعمال الموجهة بتكليف بعمل أو بامتحان كتابي حضوري أو عن بعد حول ما قدم في المنصة من ملخصات دروس .

المراجع: ( كتب،ومطبوعات ، مواقع انترنت، إلخ).

  1. 1.    -دلائل الإعجاز للجرجاني
  2. 2.    –المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ابن الأثير.
  3. 3.    -الكشاف للزمخشري
  4. 4.    -مفتاح العلوم للسكاكي
  5. 5.    -البلاغة والأسلوبية لمحمد عبد المطلب
  6. 6.    -الموجز في شرح دلائل الإعجاز لجعفر دك الباب.

 

 

 

 

   المحاضرة الأولى :

   لا يمكننا القول أن نظرية النظم هي نظرية إسلامية خالصة ،أو فارسية نسبة لصاحبها ،فلقد  أشار بعض الباحثين إلى أن الهنود قد عنوا بهذه النظرية - نظرية النظم -  كما هو الحال عند غيرهم ، فعند اليونانيين نجد مثلا أرسطو قد تحدث في كتابه "فن الشعر" عن أقسام الكلام ، وتحدث في كتابه الخطابة عن الروابط بين الجمل والأسلوب وهكذا ...

مفهوم النظم:

لغة:

   ورد في معاجم اللغة ومنها لسان العرب أن : "نظم، النظم: التأليف نظمه ينظمه نظما ونظمه فانتظم وتنظم، نظمت اللؤلؤ أي جمعته في السلك، والتنظيم مثله قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نظمته … والنظام كل ما نظمت فيه الشيء من خيط وغيره وكل شعبة منه وأصل نظام، ونظام كل امر ملاكه، والجمع أنظمة وأناظيم ونظم".[1]

    ومنه فمفهوم النظم لغة هو جمع الأشياء وقرنها وضمها بعضها ببعض.

أما اصطلاحا:

      فقد تعددت تعريفاته بحسب العلماء  من متكلمين ولغويين وبلاغيين وغيرهم ولنكتف بتعريف  الجرجانيين أولهما الشريف الجرجاني له في كتابه التعريفات بقوله: " تأليف الكلمات والجمل مرتبة المعاني متناسبة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل ، وقيل الألفاظ المرتبة المسوقة المعبرة دلالتها على ما يقتضيه العدد " [2] في حين يعرفه ثانيهما عبد القادر  الجرجاني بقوله: "واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله وتعرف مناهجه التي نهجت، فلا تزيغ عنها"[3] يبدو من خلال التعريفين أن النظم هو وضع الكلمات والجمل وتركيبها بحسب ما يقتضيه العقل والعدد وبمراعاة قواعد وأصول النحو .

 

      المحاضرة الثانية :

 

          في مفهوم النظم عند اللغويين والبلاغيين :

      تعرض كثير من الدارسين إلى موضوع النظم - ولو لم يسمه أكثرهم- ، من خلال حديثهم عن دراسة الجملة والكلام ، وما يعتريهما من تقديم وتأخير و حذف نذكر منهم:

1. أبو محمد عبد الله بن المقفع (ت142ه) مما قاله في هذا الموضوع : "فإذا خرج الناس من أن يكون لهم عمل أصيل وأن يقولا قولا بديعا، فليعلم الواصفون المخبرون -أن أحدهم وإن أحسن وأبلغ- ليس زائدا على أن يكون كصاحب فصوص وجد ياقوتا وزبرجدا ومرجانا فنظمه قلائد وسموطا وأكاليل، ووضع كل فص موضعه، وجمع إلى كل لون شبهه وما يزيد بذلك حسنا فسمى بذلك صائغا رقيقا، وكصياغة الذهب والفضة صنعوا منها ما يعجب الناس من الحلي والآنية".[4]

   فإن لم يذكر ابن المقفع نظم الكلام فإنه قد شبه القول البديع الحسن البليغ بمن نظم قلائد وسموطا وأكاليل  من قطع الياقوت والزبرجد والمرجان.

2. عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بسيبويه (ت 180ه) مما قاله في هذا الموضوع :"هذا باب الاستقامة من الكلام والاحالة: فمنه مستقيم حسن، ومحال ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب، فالمستقيم الحسن فقولك: أتيتك أحسن وسآتيك إذا، اما المحال فأن تنتقد أول كلامك بآخره فتقول: أتيتك غدا وسآتيك أمس، وأما المستقيم الكذب فقولك: حملت الجبل وشربت ماء البحر ونحوه، وأما المستقيم القبيح فأن تضع اللفظ في غير موضعه، نحو قولك: قد زيدا رأيت، وكي زيدا يأتيك، وأشباه هذا. وأما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمس"[5]

      في هذا النص المقتبس نلاحظ أن سيبويه يشير إلى نتيجة ربط اللفظ بالدلالة أثناء التركيب لإنتاج أنواع التعابير المقبولة المستملحة والمردودة المستقبحة والممكنة والمحال.

3. بشر بن المعتمر (ت 210ه) مما قاله في هذا الموضوع : "فإذا وجدت اللفظة لم تقع موقعها ولم تصل إلى قرارها، وإلى حقها من أماكنها المقسومة لها، والقافية، لم تحل في مركزها وفي نصابها، ولم تتصل بشكلها، كانت قلقة في مكانها نافرة من موضعها فلا تكرهها على اغتصاب الأماكن والنزول في غير أوطانها".[6]

    نفهم من قول بشر هذا أن هناك ضرورة ملحة لتخير موضع اللفظ في الجملة فليت كل المواضع مناسبة لها في الجملة وعلى مشكل التعبير والكلام مراعاة ذلك لتتناسب ومراد المتكلم.

4. كلثوم بن عمرو العتابي (ت 220ه) مما قاله في هذا الموضوع: "الألفاظ أجساد والمعاني أرواح، وإنما تراها بعيون القلوب، فإذا قدمت منها مؤخرا أو أخرت منها مقدما أفسدت الصورة وغيرت المعنى، كما لو حول رأس إلى موضع يد، أو يد إلى موضع رجل، لتحولت الخلقة وتغيرت الحلية".[7]

        يشير كلثوم إلى أن الألفاظ والمعاني كالأجساد والأرواح على الترتيب فإن تم تغيير مواضع الألفاظ في الجمل فكأنك تغير من مواضع الأعضاء في الجسد فتنتج صورة خلقية مشوهة له.

5 - أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري (ت 395ه) مما قاله في هذا الموضوع "…أن يكون لفظك شريفا عذبا، وفخما سهلا، مركزها، ولم تتصل بسلكها، وكانت قلقة في موضعها نافرة عن مكانها، فلا تكرهها على اغتصاب الماكن، والنزول في غير أوطانها… وينبغي أن ترتب الألفاظ ترتيبا صحيحا فنقدم منها ما يحسن تقديمه ونؤخر منها ما يحسن تأخيره".[8]

    لا نراه في هذا النص إلا مكررا ومؤكدا لما قاله سابقه قبله بشر بن المعتمر.